خواطر في انتشار وباء كورونا

بسم الله الرحمن الرحيم

تأملت فيما يجري اليوم في عالمنا

من انتشار وباء قد عم الكرة الأرضية كلها أو يكاد،

ثم ما أصاب الناس مسلمهم وكافرهم بسببه من خوف وهلع ،

ثم ما أظهرته الدول العظمى من عجزها عن مكافحته حتى إن بعض كبارهم قد اعترف على الملأ بانتهاء حلول الأرض وأن الحل بيد الله وحده.

وحاولت أن أستنبط حكمة الله تعالى من كل ما يجري، فوقع في نفسي خواطر؛ فإن كانت صوابا فمن الله، وإن كانت خطأ فمني ومن الشيطان. وهذه بعضها:

الخاطرة الأولى:

شهد العالم في الآونة الأخيرة ظلما كبيرا بحق المسلمين وتجبرا من القوى العظمى عليهم سواء ما جرى على المسلمين في الشام والعراق أو في الصين وبورما أو في أي مكان، ثم سكوت العالم الحر -كما يسمى- عما جرى عليهم من تقتيل وتنكيل وتشريد، حتى ظن أعداء الاسلام أن الإسلام قد انتهى، وأنهم هم الذين يتحكمون بمصائر الناس وحدود الدول، وحتى ظن وللأسف بعض المسلمين أن الأمر في الأرض اليوم لهذه القوى العظمى وأنه ليس لله منه شيء، بعدما رأوا من تجبر هؤلاء وسفكهم للدم الحرام وعدم معاقبة الله لهم، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يظهر بعض بأسه في حق المجرمين الذين ساموا المسلمين سوء العذاب. فوقع الوباء في الصين وايران لشدة اضطهادهم للمسلمين ثم لم تسلم منه الدول العظمى لتمالئهم على ظلم المسلمين.

قال تعالى (وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ سَبَقُوۤا۟ۚ إِنَّهُمۡ لَا یُعۡجِزُونَ)

أي لا يظنن الكفار أنهم فاتوا الله فلا يقدر عليهم فإنهم لا يعجزونه سبحانه.

فكان في إظهار بعض بأسه بأضعف جنده إنذار لهؤلاء المستكبرين لعلهم يرتدعون عن ظلمهم ويعرفون حجمهم.

كما كان فيه تثبيت للمسلمين حتى يعلموا أن الله تعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء فلا يشكوا في قدرته، وأن النصر لم يتخلف عنهم لعجز في القدرة الإلهية، بل لأنهم لم يستحقوا نصر الله تعالى بسبب ذنوبهم وتفرقهم وإيثارهم لمصالحهم الشخصية على مصلحة الدين.

الخاطرة الثانية:

قد يقول قائل بأن هذا العذاب لم يمس الكفار فحسب بل أصاب حتى المسلمين؟

والجواب:

أن من المسلمين من استحق هذا العذاب بسبب تقاعسهم عن نصرة المظلومين، فإذا ظن بعض المسلمين أن في قعودهم عن نصرة المظلومين نجاة لهم من الموت فكان الجواب من الله " أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة" .

ومن المسلمين من يصيبه هذا العذاب وإن لم يتقاعس عن نصرة المظلومين لأن البلاء اذا نزل بقوم فإنه يعمهم، قال تعالى "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" ولكن نزول البلاء بهؤلاء الصالحين لا يكون عقوبة لهم بل يكون كفارة لذنوبهم ورفعا لدرجاتهم.

فروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون؟ فأخبرني أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين؛ ليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد".

الخاطرة الثالثة:

إذا أراد الناس أن يصرف عنهم هذا البلاء فعليهم بالتضرع الى الله؛

قال تعالى: (فَلَوۡلَاۤ إِذۡ جَاۤءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُوا۟... )

وعليهم أيضا بكثرة الاستغفار، قال تعالى: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون".

وعليهم بكثرة الإحسان الى الخلق قال صلى الله عليه وسلم " صنائع المعروف تقي مصارع السوء.

اللهم إنا ظلمنا أنفسنا ظلما كبيرا فاغفر لنا

(قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِیَنِّی مَا یُوعَدُونَ ۝ رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِی فِی ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ)

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين