كورونا أول خطيب في العالم تصل خطبته إلى كل البيوت

بسم الله الرحمن الرحيم

عادتي أنا *أبو براء* في مثل هذا الوقت يوم الجمعة ومنذ أربعين سنة . . . لا بل منذ ثمان وأربعين سنة أن أكون بين كتبي وأوراقي.. بين دفاتري وأقلامي ... *أجالس الإمام النووي حبيب قلبي رحمه الله أو الإمام القرطبي ومن بعده الشهيد سيد قطب والأستاذ سعيد حوى مروراً ببعض كتب الفقه والحديث والسيرة والسير ..

أجل فأنا مشغول بخطبة الجمعة التي بدأت أمارسها خطيبا ملتزما منذ عام ١٩٧٢

ومن يومها هذا ديدني كل جمعة وإلى اليوم وانا خطيب ذلك المسجد لا أكاد أتخلف إلا لعذر .....

ولكن اليوم ....الجمعة الاخيرة من رجب ١٤٤١ آذار ٢٠٢٠ وقد أغلقت جميع المساجد .. في أكثر بلاد المسلمين خوفاً من العدوى بمرض كورونا الذي أقضّ مضاجع العالم وأذل كبرياء الدول والأفراد وأفزع العالمين من العدوى به، فلزم الناس بيوتهم وهجروا ماكانوا يألفون وتسابقوا إلى الله وجلين فأبت المساجد أن تستقبلهم وكأنها تقول لهم أين كنتم ... {ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} .. بلى يارب، ولكن المساجد لم تقبلنا فافتح لنا أبوابك وأنت أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين..

ها قد جلست اليوم كعادتي لكن من غير كتب ولا أقلام..

فلست اليوم خطيبا وليس في أي مسجد خطيب يتكلم، فالموقف اليوم لكورونا ينذر الناس بعصاه يخوفهم وينذرهم ويذكرهم بمن له ملك السموات والأرض وكل العالمين له خاضعون..

كورونا خطيب العالم اليوم ليعود العباد إلى الله.. إلى ربهم متوشحين بثوب فقرهم ومسكنتهم وراكعين وساجدين بين يدي مولاهم منيبين إليه وحده..

كورونا أول خطيب في العالم تصل خطبته إلى كل البيوت عربها وعجمها

غنيها وفقيرها

مسلمها وكافرها

ستنقل خطبته كل المساجد والكنائس والمعابد

ولأن كورونا يخطب وهو غضبان من فسوق العالم فلتغلق النوادي الليلية ودور البغاء ونوادي الخمر والقمار والحفلات الماجنة والاختلاط الأثيم وليبتعد الناس عن الأكل الحرام ليعودوا إلى صوابهم وفطرتهم بل إلى خالقهم تائبين معتذرين

ولنبكِ كثيرا على أبواب مساجدنا ولنندب حظنا العاثر حيث منعنا من بركات صلاة الجمعة،

ولندع ربنا أن يكشف الغمة والبلاء من أجل صبية رضع وشيوخ ركع وبهائم رتع..

ولنتذكر إخوة لنا تآمر عليهم الكفر بكل ألوانه ووقف المتآمرون صفا واحدا ضد شعب أو شعوب تنشد الحرية والأمان والسعادة والاطمئنان، فدكت بيوتهم وقتل كبارهم ويتم أطفالهم ورملت نساؤهم وفرض عليهم العيش بالعراء..

لعلنا اليوم نتذكرهم وندعو لهم

أجل هذا موقعنا اليوم وماذا تخبئ الأيام؟

لايعلم الا الله

لكننا نعلم أنه يجب علينا أن نعود إلى الله مخبتين إليه منيبين راغبين راهبين متبرئين من حولنا إلى حوله وقوته وعظمته معتقدين ومؤمنين أنه الواحد الأحد الذي يكشف الضر والبلوى متى شاء

لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين