بين النقد وبين عمل يستحق النقد

أسهل شيء في مجتمعاتنا هو النقد واصعب شيء في مجتمعاتنا القيام بعمل يستحق النقد.

ولاجل ان تجعل نفسك من المجددين المفكرين مارس النقد ، ووزع الاتهامات على العاملين وارفع راية التجديد والحداثة والعصرنة.

من المفروض على أناس يعيشون تحت حكم الاستبداد ان يبذلوا كل جهدهم في نقده لأن سقوطه سيفتح باب الحرية لبناء الذات والقيم الإنسانية على أسس صحيحة، وذلك بدلا من هدم وتشويه ما بناه الآخرون وهم يقارعون الاستبداد .

معركتنا هي معركة الحرية والاستقلال وهي اساسا مع المستبد واعوانه وأسياده فلا داعي من اشغال القوى المناهضة للاستبداد بنقاشاتكم البيزنطية .

لا يمكن لهذه الأمة أن تواجه أعداءها وهي لم تحقق حريتها ، ومشغولة مع بعضها بأمور فرعية.

لا يمكن لها أن تخوض أية معارك ثقافية وحضارية وبعض أبنائها يجلدون الذات ويشغلونها عن معركتها الحقيقية .

إن المشكلة عند بعض الناس هي الدوران حول الذات ونقد الآخرين دون ان يقدم عملا او مشروعا يستحق النقد.

مشكلتنا الحقيقية مع الاستبداد السياسي الذي خلق تربة ينتعش فيها كل الموبقات ومن ثم فمن اراد التجديد والحداثة عليه اولا تغيير الواقع السياسي ليحصل على حريته.

وهذا يعني أن المعركة الحقيقية التي بجب التركيز عليها هي تغيير الواقع السياسي الذي سيؤدي إلى تغيير كل شيء في واقع المجتمع.

ولذلك ارى ان النظرة النقدية للعمل الإسلامي القائم والحط من مكانته سيؤدي إلى قراءة سطحية للتراث والحضارة والثقافة فلا يسطيع الناقد رؤية الحقيقة لانتشال الأمة من كبوتها

هذه النظرة للعمل الإسلامي او للحركة الإسلامية تدفعهم إلى قراءة التراث والتاريخ قراءة غيرموضوعية .

إن رفع شعارات التجديد والحداثةبهذا النمط عمل سطحي لا يفيد شيئا غير اللهو وقد قال سبحانه: (وإذا مروا باللغو مروا كراما ).

هذا هو موقفتا بداية ونهاية لأننا لا نريد أن ننجر إلى معارك وهمية لا أساس لها في الواقع لأنها ستشغلنا عن معركتنا الحقيقية مع المستبد واسياده وأعوانه

إن تحميل تاريخنا الحضاري والثقافي أوزار الاستبداد عمل مشين وبعيد عن الموضوعية وهو أمر يدعو إلى الحيرة والدهشة.

وعلى الذين ينقدون ولا يقدمون شيئا غير الشعارات البراقة وافكارا من اليمين أو اليسار دون أي رابط بينها أن يحترموا عقول الآخرين بأفكارهم الالتقاطية التي لا تلامس الواقع لأنها كسراب بقيعة يحسبها الظمآن ماء.

إن وضع التراث في مواجهة الحداثة وان الصراع قائم بين حراس التراث والحداثيين امر مقلق جدا لأنه قد يؤدي إلى نفور الجيل من التراث والحكم على كل من يدافع عنه بأنه متخشب متخلف

ولا ادري أي حداثة يقصدون فحسب علمي ان التيار التغريبي طرح هذا المصطلح مقابل الأصالة الإسلامية التي اكد عليها الحركة الإسلامية المعاصرة ؟

ومع الأسف ان نسمع من أحد هؤلاء ان يقول : القوى الأسلامية السائدة لم تنتج إلا الفشل.

ويبدو أن القائل اعمى البصر والبصيرة لأنه لم يشاهد الصحوة الإسلامية التي اصبحت ظاهرة عالمية بينما التغريبيون اصبحوا فلولا ولولا الدعم الخارجي لما بقي لهم أثر .

ولولا الدعم الخارجي لما سمعنا نقيق الضفادع في القيعان .

فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

وفي الختام أقول : إن هؤلاء الذين تنقدونهم اوجدوا هذه الصحوة التي اجتمع عليها الغرب والشرق يشوهون صورتها.

ومما يزيد الطين بلة ان يشارك بعضكم في هذا التشويش.

وكان عليكم ان تقدموا لنا مشروعا عمليا بديلا بدلا من الانشغال بالنقد 

كان عليكم ان تبنوا بدل أن تهدموا

إن المستقبل للتيار الإسلامي ولهذه الأمة إن شاء الله

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين