مختارات من تفسير

 

{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ} [البقرة:34]

السؤال الأول:

هل كان إبليس مأموراً بالسجود لآدم؟

الجواب:

نعم أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم أمراً عامّاً {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ} [البقرة:34] وأمر إبليس بالسجود أمراً خاصاً: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:12] .

من جهة أخرى فإنّ كلمة {الكَفِرِين} بدون ألف وسطية قد وردت (84) مرة في القرآن الكريم علماً أنّ كلمة ( الكافرين ) قد وردت بالألف الصريحة في رسالة النبي عليه السلام إلى ابني ( الجلندي ) مما يدل على أنّ الكتابة المعتادة خلال فترة نزول القرآن الكريم وكتابته لم تكن هي الكتابة الفريدة التي اختص الله بها للقرآن الكريم .والله أعلم.

السؤال الثاني:

لماذا جاء ذكر إبليس مع الملائكة عندما أمرهم الله تعالى بالسجود لآدم، مع العلم أنّ إبليس ليس من جنس الملائكة؟

الجواب:

الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم في آية سورة البقرة {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ} [البقرة:34]، وأمر إبليس على وجه الخصوص في آية سورة الأعراف:{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:12] ، فليس بالضرورة أنْ الله تعالى أمر إبليس بالسجود مع الملائكة، لكنه تعالى أمر الملائكة بالسجود كما في آية سورة البقرة، وأمر إبليس وحده بالسجود لآدم أمراًخاصاً به في آية أخرى.

السؤال الثالث:

لماذا استخدمت كلمة (إبليس)مع آدم ولم تستخدم كلمة (الشيطان)؟

الجواب:

قال تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ} [البقرة:34] وفي سورة الأعراف: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الأعراف:11] إبليس هو أبو الشياطين، كما إنّ آدم أبو البشر، وبداية الصراع كان بين أبي البشر وأبي الشياطين والشيطان يُطلق على كل من كان كافراً من الجن، أي: على الفرد الكافر من الجنّ.

 

 

السؤال الرابع:

ما الفرق بين إبليس والشيطان في القرآن الكريم ؟

الجواب:

ورد ذكر إبليس في القرآن في 11 آية، بينما ورد ذكر الشيطان في 68 آية، وقد يظن كثير من الناس أنهما بمعنى واحد وأنهما لمخلوق واحد، وليس الأمر كذلك .

إبليس:

علَمٌ على مخلوق خلقه الله تعالى من النار وقيل: كان اسمه عزازيل وجعله الله في عداد الملائكة وقام بعمله ما شاء الله أنْ يقوم، ثم نازع ربه الكبرياء والعظمة فاستكبر عن طاعته وعصى ربه فطرده الله من رحمته ومن وظيفته، وأُهبط إلى الأرض يتهدد ويتوعد بإغواء بني آدم، وسيظل كذلك إلى أن تقوم الساعة.

ولغوياً الكلمة مشتقة من : أبلس الرجل إذا انقطع ولم تكن له حجة وأُبلس، أي: سكت وأُبلس من رحمة الله، أي: يئس منها وندم وقالوا: ناقة مِبلاسٌ، أي: لا ترغو من الخوف والإبلاس: هو السكوت من شدة الخوف والغم.

انظر قصة إبليس في القرآن في آيات سورة ص [75 ـ 83]، وكذلك في طه [116] وفي الكهف [50] .

أمّا استخدام القرآن للمعاني اللغوية لكلمة (إبليس) فانظر الآيات : الروم [ 12 ] الأنعام [44] وغيرها. 

الشيطان :

هذه الكلمة هي صفة قد يتصف بها إبليس، وقد يتصف بها غيره من الجن والإنس، ويظهر ذلك في تصرفاتهم وأفكارهم ومكائدهم وأخلاقهم. 

وقيل: إنّ كلمة (شيطان) مشتقة من (شَطَنَ) بمعنى بَعُد عن الحق، أي: إنّ عمل الشيطان هو إبعاد الناس عن الحق والخير أو من الفعل (شاط) بمعنى احترق من الغضب وتشيطن الرجل: إذا صار كالشيطان في فعله .

لذلك فكلمة (إبليس) هي الاسم العلم لهذا المخلوق، وإنّ كلمة (الشيطان) هي صفة له ولغيره. 

وقد وصف الله تعالى بها إبليس حتى التصقت به فصار الناس يظنون أنها خاصة به، ولكنّ آيات القرآن بينت أنّ إبليس غير الشيطان، كما في آيات سورة البقرة: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ(34) وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ(35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ(36) }. [البقرة]. .

ولاحظ جملة: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} [البقرة:36] ليتبين كيده وتزيينه ووسوسته.

وانظر إلى الآية في سورة طه: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه:120] فإبليس هو الوسواس وهو الشيطان، ولكنه ليس وحده في هذه الدنيا فكما أنّ إبليس وذريته من كفرة الجن وهم شياطين الجن ومردته فإنّ هنالك أيضاً شياطين من الإنس لا يقلون عنهم خبثاً وكفراً وفساداً.

قال تعالى :{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام:112]. 

وقال: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}[البقرة:14].

اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين ونعوذ بك ربنا أنْ يحضرون . اللهم آمين.

***

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين