كورونا جندي من جنود الله؟ أم عدو تجب محاربته؟ (2)

- ظهر لي من بعض التعليقات كأنه هناك خلط بين (الجانب الإيماني والتربوي وأخذ العبرة واللجوء إلى الله تعالى بالتوبة والدعاء ..) وهذا حق في كل نازلة حتى لو كانت حادث سيارة، وبين (التفسير القدري الغيبي للأحداث) فهذا باطل لأن معناه تحكم العبد بإرادة المعبود سبحانه، وكأنه مطلع على الغيب، فيفسر فعل الله على هواه؛ هذا انتقام وذاك ابتلاء ، والآخر استدراج، ثم يحكم على الخلق من خلال هذه التفسيرات، والصحيح أننا نحكم على الأشخاص بميزان الشرع لا بميزان القدر، والاحتجاج بالقدر باطل جملة وتفصيلا.

- هل ورد في القرآن والسنة أن الله تعالى انتقم من قوم وابتلى آخرين ..الخ ؟ بكل تأكيد نعم، والاحتجاج هنا بالوحي وليس بالقدر، بمعنى أن الله تعالى هو الذي أخبرنا فنحن نؤمن بما أخبر سبحانه، وبعد انقطاع الوحي لا يصح الاحتجاج لأنه قول على الله بغير علم، فعاد وثمود أهلكهم الله بذنوبهم (هذا وحي) لكن إذا أصاب الصينيين أو الأوربيين وباء ما فليس لي أن أقول: إن الله أراد كذا أو كذا.. خاصة إذا رأينا الوباء ينتقل منهم إلى غيرهم وفق عالم الأسباب ونواميس الكون الطبيعية، ونراه يعم الظالمين والمظلومين، ونرى إمكانية التوقي منه..الخ

-إن الموضوع موضوع عقدي لفهم الموقف الإسلامي الصحيح، وليس مجرد رد على شبهة (السادية) ونحوها.

- لو جاز الاحتجاج بالقدر، فالقدر ليس الكوارث والأوبئة فقط، فالأمن والقوة والرفاه والاستقرار والتطور العلمي والصحي والصناعي ..الخ هذه كلها من أقدار الله أيضا، وهي كلها في صالح أعدائنا وليست في صالحنا، وأما المصائب والكوارث فهي موزعة بيننا وبينهم، وحصتنا أكبر، حتى كورونا الذي كان فرصة للشماتة عند بعضنا وصل إلى مساجدنا فأغلق بعضها، ثم أغلق المسجد الحرام في أوقات محددة وقد تمنع العمرة ..الخ وصار أهل الجرأة على الله يقولون؛ أي ذنب أغضب الله حتى أغلق عنا بيته؟ وما علموا أن الله لم يغلق بيته حتى عن المشركين عبدة الأصنام التي كانت في داخل الكعبة وحولها.

- أحد المشايخ الفضلاء حلل ظاهرة التشفي والاحتجاج بالقدر بالظلم الذي يقع على المسلمين، وهو تحليل واقعي بلا شك، فالمظلوم يفرح بمصيبة ظالمه، لكن دور أهل العلم أن يبينوا للناس ؛ أن طريق الخلاص ليس بالأماني، وأن الأسباب التي سلكها أعداؤنا فتفوقوا علينا كان يمكن أن نأخذ بها نحن فنتفوق عليهم.. أما أن نضيف إلى جهلنا بالدنيا الجهل بالدين فهذه علامة الخسران في الدين والدنيا.

- أخيرا؛ ماذا نسمي هذه الكوارث والأوبئة؟ الجواب؛ نسميها كما يسميها الناس : كوارث وأوبئة وزلازل ..الخ كما نسمي كل الظواهر والحوادث في حياتنا؛ ولادة وموت، صحة ومرض، فقر وغنى، نجاح وفشل، والمسلم إذا عرف واجبه الشرعي في كل موقف فليس مطلوبا منه أن يحدد مراد الله في ذلك فهذا خارج التكليف أصلا.

معذرة عن الإطالة أيها الأحباب، ومعذرة إن كان قد فاتني شيء من ملحوظاتكم وتساؤلاتكم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين