زوجان وولدهما عبد الرحمن

قال لزوجته : زيدي قربك من ولدنا عبد الرحمن وضاعفي اهتمامك به. 

قالت : شغلت بالي ، هل لاحظت عليه شيئاً ؟!

قال : أنت تعلمين أنه الآن في السنِّ التي يسمونها المراهقة ، وفتنة النساء أعظم فتنة على الشاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) متفق عليه. 

قالت : ولدك متدين ، وربيناه معاً على التقوى ، كيف لا تثق به ؟!

قال : أنا لا أثق بنفسي فكيف أثق بولدي ؟

قالت زوجته ضاحكة : لا تثق بنفسك ؟! ما هذا الاعتراف ؟!

قال : ليس لإنسان في الدنيا أن يثق بنفسه

قالت : حتى الأنبياء ؟

قال : حتى الأنبياء ليس لهم أن يثقوا بأنفسهم ؟

قالت : ماذا تقول ؟ ليس للأنبياء أن يثقوا بأنفسهم ؟ بمن يثقون إذن ؟

قال : يثقون بالله وحده

قالت : ألا يمكن الجمع بين الثقتين ؛ الثقة بالله والثقة بالنفس ؟

قال : وهل يجوز الجمع بين التوكل على الله والتوكل على النفس ؟!

قالت : وما صلة التوكل بالثقة ؟

قال : تأملي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ( دعوات المكروب : اللهمَّ رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت )

قالت : تريد قوله صلى الله عليه وسلم في الدعاء ( فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) ؟

قال : نعم ، فإذا وثق الإنسان بنفسه فكأنما توكل عليها . قال المناوي : لا تكلني ، أي لا تصرف أمري إلى نفسي ، أي لا تُسلمني إليها 

قالت : لا أتصور كيف يمكن لنبي أن يضعف أمام فتنة امرأة وهو المعصوم ؟!

قال : أذكرك بقول يوسف عليه السلام وهو يدعو ربه ( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليـه ، وإلا تصرف عني كيدهن أصبُ إليه وأكن من الجاهلين ) قال ابن كثير : أي إن وكلتني إلى نفسي فليس لي منها قدرة ، ولا أملك لها ضراً ولا نفعاً ، إلا بحولك وقوتك ، أنت المستعان وعليك التكلان ، فلا تكلني إلى نفسي

قالت : عرضتَ شاهداً بليغاً على ما تقول ، فيوسف عليه السلام يتبرأ مِنْ حوله وطوله وقوته ويقر بضعفه:( أصبُ إليهن )

قال : فمَنْ أنا أو ولدك من يوسف عليه السلام ؟! إننا ضعفاء بأنفسنا وأقوياء بالله وبتوكلنا عليـه سبحانه ، وثقتنا ليست إلا فيه عز وجل

قالت : ليت عبدالرحمن يسمع منك هذا الكلام !

قال : حاوريه أنت فيه واعرضي عليه ما تحاورنا حوله .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين