بشرى وسلوى للمعذبين في الأرض

في الصحابة أقوام هم خيار الخيار، ماتوا في فجر الاسلام، فلم يروا منه الا النار والدماء والأشلاء والآهات، تحدوها الدموع والدعوات والآمال، ولم يتكحلوا برؤى سوح الفتوح، ولا صفر الغنائم، ولا يانع الثمرات، ولا بيض الرقيق، منهم : عثمان بن مظعون، ومصعب بن عمير، وحمزة بن عبد المطلب، وسعد بن معاذ، وعمرو بن الجموح، وغيرهم رضي الله عنهم.

فقد والله شهدوا الغرم دون الغنم، والفزع دون الطمع، وانقطعت أعمارهم مبكرة، وسرت أرواحهم الى مليكها مسرعة، فنالوا ثوابهم كاملاً غير منقوص، فنعم الرفد المرفود، وحبذا الورد المورود. 

فلا غرو ان بكى-تمنياً لمثل حالهم- من امتد عمره، وانتسأ أجله، وجنى ثمرة جهاده فهو يهدبها، وتعجل نصيباً من ثوابه في الحياة الدنيا، كخباب بن الأرت وعبد الرحمن بن عوف.

وما ارى حال المسلمين الصابرين القابضين على الجمر في هذه الاعصار المتأخرة، من اهل الشام وتركستان وبورما والهند الا ملحقين بإذن ربهم بحال اولئك الأخيار، منضمين الى افواجهم، مرتفعين في درجاتهم، جارين في مضمارهم، فالحال مثل الحال، بل اشد وأنكى، والعدو هو العدو بل اظلم واطغى.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين