النشاط الدعوي والعلمي في دير الزور - ملامح من الدروس العلمية في دير الزور
النشاط الدعوي والعلمي في دير الزور
بسم الله الرّحمن الرّحيم
 
وبعد فهذه نسمات مباركات ونفحات طيبات من النشاط الدعوي في مدينة ديرالزور, فعلى الرغم من النقص الكبير في النشاطات الدعوية والعلمية والإهمال الواضح للعلوم الشرعية, إلا أن الله منَّ على أهالي المدينة بشباب حملوا لواء الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ونشر العلوم الشرعية وهذا إنما هو بشرى للذين آمنوا, خصوصا خلال الظروف الصعبة التي مرت وتمر بها مدينتنا الحبيبة.
 ولنتحدث عن الناحية العلمية الشرعية:
1- ولا يليق أن نقدم شيئا على كتاب الله عزّ وجلّ, فديرالزور قبل ثمان سنوات كان فيها عدد من حفظة القرآن الكريم المجازين لا يتجاوز أصابع اليد, وكان أبرز من حمل على عاتقه تحفيظ القرآن الكريم ونشره الأستاذ فايز الطعمة جزاه الله خيرا, ومع ذلك ظل الاهتمام بهذه المسألة ضعيفا, فتجد محاولات فردية من قبل بعض الشباب المتحمس لحفظ كتاب الله, لكنها بعيدة عن نهج السلف الصالح من العلماء الذين أوجبوا تلقِّي القرآن سماعاً أو تسميعه عند شيخ مجاز.
ثم أكرم الله هذه المدينة بشيخ جليل من حفظة كتاب الله جامع للقراءات العشر هو الشيخ الفاضل عبد التّواب روضان والذي استطاع بفضل الله وخلال فترة وجيزة قلب كيان هذا البلد وتوجيهه نحو حفظ كتاب الله الكريم.
وخلال ثلاث سنوات ونصف وصل عدد الحفظة إلى ما يقرب من ألف حافظ منهم ستة جمعوا القراءات العشر وأجازهم حفظه الله بها, فقط في المدينة , أما في ضواحيها فقط نشط الشيخ من البوكمال إلى الرقة وما حولها "هذه الإحصائية منذ سنتين أما الآن فالله وحده اعلم"  وغالب هؤلاء الحفظة قد تخرجوا من عنده أو من عند تلاميذه.
فاستحق الشيخ بجدارة لقب شيخ قراء ديرالزور, ولم يألُ الشيخ جهدا في تشجيع الناس على حفظ كتاب الله عزّ وجلّ, بشتى الطرق والوسائل.
وقام بدعوة فضيلة القارئ الشيخ يحيى الغوثاني" إلى إلقاء محاضرات في دير الزور, ولا يمر أسبوع إلا وهناك مجلس أو اثنان أو أكثر في مختلف المساجد احتفالا بتخريج ثلة من حفاظ كتاب الله.
وآخرها منذ أكثر من شهر تم تخريج مائة حافظ لكتاب الله في إحدى قرى دير الزور في احتفال كبير حضره عدد من شيوخ الشام, أذكر منهم الشيخ حسان هندي.
وأحسب هذا الرجل ولا أزكيه على الله من الصالحين, فهذه الهمة العلية والأثر الطيب لا يكون إلا من رجل نذر نفسه ووقته وحياته لخدمة كتاب الله, وقد أعانه الله بأولاده وبزوجته –وهي كذلك مجازة برواية حفص على ما أظن- فانصبَّ اهتمامها على نشر كتاب الله فيما بين النساء, ولا تسل عن همّة أخواتنا المؤمنات بل حتى أن بعضهن سبقن الرجال.
ذكر لي أحد الإخوة لطيفة حصلت مع الشيخ: صلى الشيخ الجمعة في جامع التوبة في منطقة الجورة, فقدمه الشيخ محمود ذيب حفظه الله ليؤم الناس, فقرأ الشيخ عبد التواب بقراءة فيها إمالة أحسبه قرأ بقراءة الكسائي – أو ربما غيرها لست متأكدا- فعاتب بعض كبار السن -الشياب- الشيخ محمود: لم قدمتم رجلا أميا لايعرف كيف يقرأ القرآن؟! فهم لم يتعوَّدوا سماع القراءات المتنوعة الجميلة لكتاب الله.
سأفرد في المستقبل القريب بعون الله موضوع  حفظ كتاب الله في ديرالزور ببحث مستقل, وأثبت هنا في المنتدى سند الشيخ عبد التواب وغيره من الأسانيد الموجود في مدينتنا.
 2- أما من ناحية الفقه والحديث والأصول والدعوة, فحدث ولا حرج, فقد حمل طلبة العلم الشرعي في هذه المدينة على عاتقهم نشر سنة سيدنا النّبيّ صلى الله عليه وسلم, ولنبدأ بذكر سيدنا الشيخ أحمد السراج رحمه الله إمام المسجد العمري،وهو علم من أعلام المدينة، ومن ذا الذي لا يذكره، فهو صاحب الفضل الأول في نشر العلم الشرعي, وكم تخرج من تحت يديه طلاب علم, وكان بالحقّ مفتي ديرالزور الأول, شافعي المذهب رفاعي الطريقة, مع إلمامه الكبير وتبحره في المذاهب الأخرى, وقد أكرمني الله عزّ وجلّ أن درست عنده شيئا من كتاب الميزان الكبرى للإمام الشعراني قبل وفاته بنحو سنة, لكن لم أكمل لظروف استجدت آنذاك, كان يدرسه في الغرفة العلوية من المسجد لثلة من طلاب العلم الشرعي, وإن شاء الله سأثبت ترجمة الشيخ في دراسة وافية.
 أما تكية السيد أحمد الراوي، فقد قام الشيخ وائل الراوي حفظه الله بافتتاح دورات للعلم الشرعي  لدراسة التفسير والفقه والحديث والعقيدة والتجويد واللغة العربية والخط العربي في التكية, وتم ختم موطأ مالك، ولازالت دروس الفقه والتفسير والعقيدة واللغة العربية مستمرة, ولله الحمد, إضافة إلى مجالس الذكر.
أذكر أن الشيخ وائل كان يدرس "كفاية الأخيار" في الفقه الشافعي.
أما في مسجد الإخلاص فلا تسل عن دروس الفقه الشافعي والحنفي والعقيدة والحديث, وقد أكرمنا الله عز وجلّ بقراءة سنن الإمام الدارمي, وموطأ مالك برواية محمّد بن الحسن, وسنن النسائي وأُجزنا بها بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقبله كان الأحباب قد قرؤوا سنن أبي داود وصحيح الإمام مسلم, إضافة لمجلس الصلاة على سيدنا النّبيّ صلى الله عليه وسلم الذي يقيمه الشيخ حاتم الفجر -أبو عبيدة- يوم الخميس بعد صلاة العشاء, ومعلوم أنه الفقيه الأول بديرالزور على مذهب الإمام أبو حنيفة.
 وفي جامع التوبة لا يزال الشيخ محمود الذيب مواظباً على دروس الفقه الشافعي ومجلس الذكر بعد صلاة العشاء من يوم الخميس.
وكذلك الشيخ محمّد شاه قطب الدين الحامدي وأخوه حفظهما الله –أبناء الشيخ قطب مفتي ديرالزور سابقا- في مسجد التوبة كذلك في منطقة الصناعة, حيث يعقد مجلس ثلاثاء الإبداع, والدروس الشرعية مستمرة.
ومجلس الصلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم الذي يدور في المساجد-كل أسبوع في مسجد-.
 والشيخ حسان بن الشيخ صالح - المفتي السابق لديرالزور - اليساوي, يعقد حلقات الدرس في مسجد الإمام علي بن أبي طالب فيدرس الفقه الشافعي, والتجويد, ودرس في السلوك والتربية.
 وكذلك الدروس في التكية النقشبندية وغيرها كثير من المساجد, وما لم أذكره أكثر مما ذكرته.
 فلله الحمد والمنة على هذه النعمة العظيمة, والله عزّ وجلّ أسأل وبنيه صلى الله عليه وسلم أتوسل أن يعرفنا النعم بدوامها لابزوالها, وأن يديم علينا نعمة هذه الدروس والمجالس وألا يحرمنا من حضورها.
 نسأل الله تعالى أن يوفقنا أن نتصف بصفات عباده الصالحين, وأن نتخلق بأخلاق سيد المرسلين سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم. آمين. والحمد لله ربّ العالمين, ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم, وصلى الله وسلم على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين