شرف الكفاح والمقاومة

من روائع الأدب العالمي قصة (الشيخ والبحر) لأرنست همنجوي.

قصة الصبر والكفاح والمقاومة حتى النفَس الأخير.

شيخ أنهكه الدهر بعد أن كان صيَّاداً قويًا ماهراً، صار كهلاً يمضي أسابيع في البحر دون أن يصيد سمكة واحدة.

تركه الصبي الذي يساعده، تركه بضغط من والديه بعد عجز الشيخ عن الصيد.

يخرج الشيخ وحيداً بقاربه الصغير في عرض البحر وهدفه صيد سمكة كبيرة يعيد بها أمجاده كما وعد الصبي.

يصارع الأمواج، تشبك في سنارته السمكة الكبيرة المرجوة.

يدخل معها في صراع لليلتين متواصلتين حتى يتمكن منها بعد أن تُدمي كتفه وتجرح يده.

يتمكن منها ويربطها في قاربه لأن القارب لا يسعها.

يوجه مركبه نحو اليابسة سعيداً بصيده الثمين ومبتهجا بروحه المعنويَّة العالية حين يعود للصبي بما وعده.

أثناء العودة تهاجم سمكة قرش سمكة الصياد، فيهاجمها الصياد ويصرعها بحربته، بعد أن تمكنت من أكل ذيل السمكة.

وما إن فرغ منها حتى هاجمه سمكتا قرش، يتمكن منهما بعد أن نهشا نصف السمكة، ولكن حربته استقرَّت في إحداهما ونزلت معها إلى الأعماق.

جَدَّ الشيخ في العودة نحو البر راضياً بنصف السمكة بعد أن أصبح أعزلاً من السلاح، منهكا من ثلاث ليالٍ متواصلة من الكفاح.

وفي طريقه هاجمه سرب من سمك القرش ترك سمكته هيكلا عظميًّا.!

يصل إلى قريته منهكاً بائساً خاسراً لصيده.. يدخل كوخه .. يرتمي على سريره .. يدخل في غيبوبة .. يدق بابه الصبي ويدخل .. يقدم الصبي له فنجاناً من القهوة وبعض الخبز.

يفتح عينيه بنظرات حزينة، يواسيه الصبي قائلاً: أنا أعرفك جيداً، أعلم أنك كافحت إلى النهاية.

إنها قصة الكفاح والمقاومة، حتى لو أصبح الإنسان خِلواً من السلاح، حتى لو كان منفرداً، حتى ولو لم يكن هناك تناسبا بين قوته وقوة خصمه، حتى لو بَعُد الأمل وطال الطريق، ... حتى وإن كانت نهاية المقاومة ثمرة لن تراها عيناه.!

وظهور الصبي في بداية القصة ونهايتها رمز تسليم الراية من جيل كافح من أجل تسليم راية غير منكسة، إلي جيل يرفع الراية.

فيكفي الإنسان عزاً وشرفاً وفخراً أن يحاول تسليم الراية منتصبة لمن يأتي بعده ليرفعها.

معنى إنساني نبيل وصل إلى كبد حقيقته الشاعر "أمل دنقل":

آه ما أقسى الجدار

عندما ينهض في وجه الشروق

ربما ننفق كل العمر.. كي ننقب ثغرة

ليمر النور للأجيال .. مرة !!

...

يكفيك أيها المقاوم الشريف أن تنفق كل العمر .. كي تنقب في الجدار ثغرة .. ليمر النور للأجيال .. مَرة .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين