من كبرى الوظائف الدعوية ذات الأولوية في الهدي النبوي المحمدي الشريف

لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً وأبا موسى إلى اليمن قال: "ادعو الناس يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا" متفق عليه واللفظ لمسلم.

وأخرجا من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال:"يسروا ولا تعسروا وسكِّنوا ولا تنفروا".

فهذا هو المنهج النبوي الذي وصف الله تعالى بالهدى متبعه، فيه اجتناب التنفير والتعسير قصداً، بحيث لا يكتفى بخلط ضدهما معهما، بل يجتنبان رأساً، ويؤتى بضدهما وهو التيسير والتبشير والتسكين خالصاً محضاً.

وهذا المأمور به هو عين الرفق المتوسط بين العنف وبين الضعف، فليس هو تمييعاً ولا تضييعاً.

ويلاحظ أنَّ التنفير له ضدان مطلوبان: التبشير والتسكين، وكل منهما يفضي إلى الآخر ويعين عليه؛ فبعض الناس لا يسكُن حتى يُبشَّر، وبعضهم لا يتأتى تبشيره حتى يسكن، فيُبدأ مع كل مدعوّ بحسب حاله، وهذا من تمام التيسير المأمور به أيضاً.

ومن بديع فقه الأئمة: أن الشيخين أخرجا خبر أبي موسى في كتاب الجهاد، وأخرج مسلم حديث أنس فيه، وأما البخاري فأخرجه في الأدب، وفي ضمن هذا: أن ذلك الهدي النبوي هو هدي عام للمسلم في مختلف أحواله عموماً وفي باب الدعوة بل والجهاد خصوصاً، فإنه لا يقاتل الناس ولا يرد على المخالفين لأجل غريزة بشرية لتفريغ شحنة غضب أو لتعزيز الشعور بالانتماء أو بالذات بقهر الخصم والمخالف، بل هي عبودية لله تعالى وخضوع لعظمته وانقياد له.

أكرمنا الله تعالى بذلك بمنه وكرمه.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين