دعوة غير المسلمين والإجابة عن أسئلتهم حول الإسلام (1-17|)

الدعوة إلى الله من أشرف الأعمال وأعظم القربات، وهي مهمَّة الأنبياء والرُّسُل عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا} [النحل: 36]، ولقد قام بها النبي -صلى الله عليه وسلم- خير قيام، فأدّى الأمانة وبلّغ الرسالة ونصح الأمّة، وعلى هديه سار المسلمون من بعده؛ فاعتنوا بها فسعدوا -بفضل الله تعالى- ونالوا العزّ والشرف والرفعة في الدنيا والتمكين في الأرض، وسعد بهم -برحمة الله تعالى- خلقٌ كثير في مشارق الأرض ومغاربها ممن دخلوا الإسلام على أيديهم.

والدعوة إلى الإسلام ميزة رئيسة من مميزات هذه الأمّة، ومعلم بارز من معالمها، وهدف واضح من أهدافها، ومما يدلّ على ذلك أمور، في مقدّمتها:

1- أنّ دين الإسلام هو الدين الخاتم الذي أنزله الله للناس كافّة: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف:158]؛ وهذا يعني أنّ على المسلمين أن ينشروا دين الله للناس كافّة في كل زمان ومكان.

2- أنّ الله قد تكفّل بحفظه ونصره وإظهاره على الأديان كلّها، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون}[التوبة:33]؛ وهذا يعني الثقة بالدعوة وصدقها ونجاحها.

3- أنّ الإسلام هو الدين الحقّ الذي يصلح لكل زمان ومكان، فتشريعاته تتناسب مع الفطرة، وتتميّز بالشمول والتوازن والعدالة والرحمة، والاستقامةُ عليه تحقّق الاستخلاف في الأرض وعمارتها، والسعادة الأبدية في الآخرة؛ وهذا يعني أنّ حملها والمضي فيها والمجاهدة في سبيل نشرها فيه خير ٌكثيرٌ للبشرية قاطبة.

والدعوة إلى الله تعالى منهجٌ له أصول وقواعد وآداب ثابتة مقرّرة في الكتاب والسنّة، {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين}[يوسف:108]، قال ابن كثير رحمه الله: "على بصيرة ويقين، وبرهان شرعي وعقلي"، وقال الطاهر بن عاشور رحمه الله: "البصيرة ... الحجّة الواضحة، والمعنى: أدعو إلى الله ببصيرة متمكّنًا منها ... وفي الآية دلالة على أنّ أصحابَ النبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين الذين آمنوا به مأمورون بأن يدعوا إلى الإيمان بما يستطيعون". 

ودعوة غير المسلمين تختلف عن دعوة المسلمين في الطريقة والأساليب، ولها مراتبُ ينبغي العناية بها، وآدابٌ يحسن التأدّب بها، وصفاتٌ ينبغي للداعية أن يتخلّق بها؛ حتى تؤتي ثمارها بإذن الله. والعاملون في هذا المجال يعلمون أنّ مجرّد عرض الإسلام وتسليط الضوء على مزاياه لا يكفي؛ فكثيرٌ من المدعوّين لديهم أفكار وتصوّرات خاطئة عن الإسلام وتساؤلات تستدعي الوقوف عندها والإجابة عنها ومناقشتهم بها، وهذا عين ما أمرنا به ربّنا -سبحانه وتعالى- في كتابه عندما قال: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين}[النحل:125]، قال ابن كثير رحمه الله: "من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسَن برِفقٍ ولِيْنٍ وحُسْنِ خِطاب، كما قال : {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ...} [العنكبوت:46]".

هناك عدد من الأسئلة هي الأكثر شيوعًا عن الإسلام لدى غير المسلمين، وهي أسئلة تبقى دائرة في أذهانهم، وتظل عالقة دون إجابات؛ حتى يوفّق الله من الدعاة مَنْ يُجيب عنها ويُزيل الشبهة المتعلّقة بها، فيجد السائل طريقه إلى الإسلام يسيرًا سريعًا.

يقول د. ذاكر نايك حفظه الله ووفّقه وسدّده: "قد يوافقك كثيرٌ ممن تدعوهم إلى الإسلام الرأيَ فيما تذكره من الطبيعة الإيجابية للإسلام، لكنّهم في الوقت نفسه سيبادرونك قائلين: لكنّكم أيها المسلمون لا تتركون تعدّد الزوجات، وتذلّون النساء بإلتزامهم بارتداء الحجاب! إنّكم متعصّبون، متزمّتون ... الخ، أنا شخصيًا أفضّل أن أستبق غير المسلمين بتشجيعهم على السؤال عمّا يتردّد في أذهانهم مما يعتقدون أنّه خطأ في الإسلام، وأحثّهم بألا يتحفّظوا، وبأن يكونوا صرحاء في طرح أفكارهم، وأُقنعهم بأني سأتقبّل منهم أي نقدٍ يوجهونه للإسلام".

ويضيف: "من خبرتي في مجال الدعوة خلال السنوات القليلة الماضية، وصلت إلى حقيقة خلاصتها أنّ هناك عددًّا محدودًا من الأسئلة (بضعة عشر سؤالًا) تدور على ألسنة غير المسلمين، وهي تمثّل (الأسئلة الأكثر شيوعًا)، فحيثما سألت غيرَ المسلم: ما الشيء الذي تعتقد أنّه خطأ في الإسلام؟ فإنّه يطرح عليك خمسة أو ستة أسئلة، تتدرج غالبًا -بصورة أو بأخرى- تحت هذه الأسئلة الأكثر شيوعًا".

وحيث إنّ هذه الأسئلة مبثوثة في التسجيلات المرئية والمسموعة للدكتور ذاكر حفظه الله، فقد عمدت إلى كتابتها وتحريرها، واختصارها وتهذيبها، ودعمها بالأدلّة النقلية والعقلية، وإخراجها في سلسلة من المقالات. وكانت هذه المقالات قد تُرجمت إلى اللغات الستة الحيّة في العالم (الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والهندية والصينية)، ونُشرت على موقع (noble.tv)، ثم رأى القائمون على الموقع -وفّقهم الله- أن يتخصّصوا بنشر ترجمات معاني القرآن الكريم بهذه اللغات ترجمة مسموعة ومقروءة؛ وهو اختيار موفّق؛ فحذفت هذه المقالات؛ فرأيت أن أعيد نشرها على موقع رابطة العلماء السوريين لتعمّ بها الفائدة.

وسيتمّ نشر هذه المقالات تباعًا، وعناوينها على النحو التالي:

1- الأديان كافّة تدعو الناس إلى الاستقامة، فلماذا الدعوة إلى الإسلام تحديدًا؟

2- كيف يُسمى الإسلام دين السلام في حين أنه انتشر بحدّ السيف؟

3- لماذا نجد أكثر المسلمين أصوليين وإرهابيين؟

4- لماذا يفترق المسلمون إلى فرق ومذاهب مختلفة؟

5- إذا كان الإسلام أفضل الأديان، فلماذا نجد كثيرًا من المسلمين غير صادقين، ولا يمكن الوثوق بهم؟

6- لماذا تطلقون اسم كافر على غير المسلم؟

7- لماذا لا يسمح لغير المسلمين بدخول مكة والمدينة؟

8- كيف تستطيع أن تبرهن على وجود الآخرة؛ أي الحياة بعد الموت؟

9- الإسلام يحرّم عبادة الأصنام، ثم نجد المسلمين يسجدون للكعبة!!

10- لماذا يحطّ الإسلامُ من قدر النساء بفرض الحجاب عليهن؟

11- لماذا يُسمح بتعدّد الزوجات في الإسلام؟

12- لِمَ لا تُوجد مساواة بين الذكر والأنثى عند الإدلاء بالشهادة؟

13- لماذا يكون نصيب المرأة نصف نصيب الرجل من الميراث وفق الشريعة الإسلامية؟

14- لماذا يحرُم أكل لحم الخنزير في الإسلام؟

15- لماذا يحرُم شرب الخمر في الإسلام؟

16- لماذا يذبح المسلمون الحيوان بطريقة مؤلمة لا رحمة فيها؟

والله من وراء القصد

وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين