تعريف عام بكتاب (إعلام الأنام شرح بلوغ المرام من أحاديث الأحكام)

كتاب (إعلام الأنام شرح بلوغ المرام من أحاديث الأحكام) هو كتاب في أحاديث الأحكام يتكون من أربعة أجزاء، من تأليف أستاذنا الدكتور نور الدين عتر، وهو شرح لأحاديث كتاب "بلوغ المرام" للإمام ابن حجر رحمه الله.

مقدمة

إن الكتاب الذي شرحه أستاذنا الدكتور نور الدين عتر هو أحد أهم كتابين في أحاديث الأحكام وهما:

الأول: (عمدة الأحكام) للإمام المقدسي وهو خاص بالأحاديث المخرجة في الصحيحين، وعددها 426 حديثا. 

الثاني: (بلوغ المرام من أدلة الأحكام) للإمام ابن حجر، وقد زادت أحاديثه على 1200 حديثا.

انتخب الإمام ابن حجر هذه الأحاديث من مجموع كتب السنة، وقد قال عنه: (حررته تحريرا بليغا ليكون من يحفظه من بين أقرانه نابها))، ولم يلتزم فيه الصحيح ولم يلتزم فيه بكتاب معين، وإنما اعتمد ما يستدل به الفقهاء من الصحيح وغيره، ولكنه يعتمد على المشهور في أغلبه.

وهذا الكتاب الثاني هو الذي قام الشيخ العتر بشرحه في كتابه الموسوم (إعلام الأنام شرح بلوغ المرام من أحاديث الأحكام).

شروح بلوغ المرام:

لبلوغ المرام شروح كثيرة قديمة ومعاصرة، من شروحه القديمة "البدر التمام" للمغربي و "سبل السلام" للصنعاني، ومن الشروح المعاصرة: "روضة الأفهام" لمحمد القناص، و " فهارس منحة العلام" للشيخ الفوزان، ومنها شرح "إعلام الأنام" للشيخ العتر والذي نحن بصدده الآن.

سبب تأليف الكتاب:

من أشهر شروح "بلوغ المرام" السائرة شرح الإمام الصنعاني الزيدي الشيعي المسمى "سبل السلام"، وعلى هذا الشرح مآخذ منها:

- ما يتعلق بالحديث ففيه قصور في الجانب الحديثي الفني رواية ودراية.

- ومنها ما يرتبط بدقة العزو إلى المذاهب والنقل عنها.

- ومنها ما له علاقة بدقة الاستنباط.

وإن هذه الأمور مجتمعة حطت من قيمة الكتاب رغم تقريره في جامعات عدة، وهذا ما دعا الدكتور العتر إلى تأليف كتابه "إعلام الأنام" لعله يسد الحاجة التي لم يسدها كتاب "سبل السلام" للإمام الصنعاني رحمه الله.

وصف الكتاب الخارجي:

يتكون الكتاب من أربعة مجلدات كبيرة.

الأول: يحوي مقدمات عن مجال أحاديث الأحكام وكتاب الإمام ابن حجر وإضاءة على شرح سبل السلام، وبيان لمنهج الشيخ في شرحه، يتلوها كتاب الطهارة وكتاب الصلاة.

الثاني: ويحوي بقية كتاب الصلاة وكتاب الجنائز واللباس والزكاة والصيام والحج والبيوع.

الثالث: وفيه بقية من المعاملات وكتاب النكاح والطلاق.

الرابع: وفيه الحديث عن العقوبات وكتاب الجهاد والأطعمة والأيمان والنذور والقضاء والعتق، ثم كتاب الجامع وفيه أصناف من أحاديث الآداب والأخلاق والترغيب والترهيب.

منهج الكتاب:

كان للشارح منهج خاص في الكتاب يختلف عمن سبقه، وله ميزات كثيرة سأذكر بعضها:

1- من أهم ما يمتاز به الكتاب ما قام به الدكتور من إيراد نصوص الحديث كما هي في الكتب المعتمدة، مما دعاه إلى تغيير الاسم من (بلوغ المرام من أدلة الأحكام) إلى (بلوغ المرام من أحاديث الأحكام).

2- وضع عناوين فرعية للدلالة على موضوع الحديث.

3- تبع الشارحُ الإمامَ ابن حجر في اصطلاحاته، منها في تخريج الحديث كقوله: رواه السبعة فيقصد به الستة مع الإمام أحمد، وإذا قال الستة فيقصدهم بدون الإمام أحمد، وكذلك الخمسة فيقصد بهم أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد، والأربعة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، والثلاثة هم الأربعة من غير ابن ماجه، وإذا قال متفق عليه أو أخرجه الشيخان فهو على المشهور.

4- تخريج أحاديث الكتاب الواردة في المتن والشرح.

5- دراسة الأحاديث قبولا وردا متنا وسندا على طريقة المحدثين.

6- إضافة بعض المباحث اللغوية والحديثية والفوائد العامة للأحاديث الواردة.

7- ومما ركز عليه المؤلف تدريب دارسي الكتاب على فهم النصوص على وجهها وبيان أساليب الفقهاء في فهم النصوص على طريقة أهل السنة.

8- الجمع بين طرق الأقدمين والمحدثين في عرض المادة العلمية.

مآخذ على الكتاب:

عندما كنا طلابا صغارا في معهد "دار نهضة العلوم الشرعية" في حلب المشهور باسم "الكلتاوية" كان أحد أساتذتنا ويدعى الشيخ زكريا حوت يقرأ كتاب "إعلام الأنام" على شيخنا العلامة العتر ثم يقرئنا في المدرسة، فنتناقش فيما قرره الشيخ من أمر المذاهب وأدلتها والترجيح بينها، وقد عرضت لنا حينها مسألتان:

الأولى: في بعض المواضع لم يحقق الشيخ المذهب الشافعي تمام التحقيق فوقع أن نقل عن الشافعية غير المشهور والمعتمد عنهم وقام بمناقشته على أنه مذهب الشافعية، بينما هو مرجوح في مذهبهم أو غير معتمد، وهي مواضع بسيطة قليلة فيما قرأنا منه.

الثانية: يتضح من الكتاب ميل شيخنا العتر إلى المذهب الحنفي، ولعل مناقشة بعض أقوال المذاهب الأخرى والاحتجاج عليها تحتاج إلى تحقيق ومزيد مناقشة، وقد يعرض أن يكون اختيار غير الحنفية أقرب إلى نص الحديث ويُرجح في الكتاب رأي الأحناف.. وهذا الموضع أيضا مما يحتمل المناقشة، إذ قد تختلف نظرة أهل العلم إلى الدليل باختلاف المنطلقات الأصولية التي ينطلقون منها لفهم النصوص والاستدلال بها.

وإن هاتين الملاحظتين الصغيرتين لا تغضان من قيمة الكتاب الحديثية والفقهية أو المنهجية، فهو باب مفرد في بابه، ولا كامل إلا الله، ورحم الله إمامنا الشافعي إذ قال:

فإن أصبت فلا عجب ولا غرر --- وإن نقصت فإن الناس ما كملوا

والكامل الله في ذات وفي صفة --- وناقص الذات لم يكمل له عمل

جزى الله شيخنا المحدث العلامة الدكتور نور الدين عتر خيرا كثيرا على ما قدم في هذا الكتاب وغيره على طريق خدمة السنة النبوية وفِقْه الإسلام وكتب له الشفاء والعافية والأجر الجزيل.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين