مَن أطعمَه الله من جوع وآمنَه من خوف..ماذا يقول للجياع الخائفين؟

مَن أطعمه الله من جوع، وآمنه من خوف، فليساعد مواطنيه ، الجياع الخائفين، الذين يرتجفون، مع أطفالهم ونسائهم وشيوخهم ، من البرد القارس ، ولا يقلْ ماقاله قارون: (إنّما أوتيتُه على علم عندي) ، فيهلك !

الجوع قاسٍ ، والبرد شديد القسوة ، والظلم أشدّ قسوة ، والتشرّد دون هدى ، مع الأطفال والنساء ، والعجزة والشيوخ .. تحت البرد والمطر، والقصف والرعب .. ممّا يكلّ الخيال ، عن وصفه ، أو وصف قسوته !

فما حجّة الأثرياء المواطنين ، في الوطن وخارجه ، في عدم المساعدة ؟

وكيف يقنع هؤلاء الأثرياء أنفسَهم ؛ بل كيف يخدعون ضمائرهم ، إن هم أغمضواعيونهم، وأصمّوا آذانهم ، عن رؤية البائسين ، وعن سماع صرخاتهم واستغاثاتهم !؟

بل كيف يستطيع هؤلاء : النوم ، والضحك ، واللعب مع أطفالهم ، وملاطفة نسائهم !؟

وكيف يستطيع المسلمون الأثرياء ، أبناء الدول المختلفة ، خداع ضمائرهم ، وإغلاق أبصارهم وأسماعهم ، عما يرونه ، من مآسٍ تشيب لها الولدان ، ممّا تعرضه وسائل الإعلام ، صباح مساء ، وهي لاتعرض إلاّ أقلّ القليل ، من المآسي والمصائب والكوارث ، التي تنصبّ على رؤوس المسلمين ، الذين هم إخوانهم ، بحسب الأصل ، وبحسب قانون السماء (إنّما المؤمنون إخوة)!؟

بل كيف يستطيع أيّ إنسان عاقل ، أن يغضّ النظر، ويصمّ السمع ، عمّا يرى ويسمع ، من ويلات وصرخات واستغاثات ، تفتّت الأكباد ، دون أن يقدّم أيّ عون يستطيعه ، مهما تكن ملّة هذا الإنسان ، أو جنسيته ، أو دولته !؟

لايلام المجرمون، الذين يصبّون حمم أحقادهم ونيرانهم، على شعوب يحكمونها بالحديد والنار، لاينتمون إليها ، وليس لديهم أيّ إحساس بأنهم منها !

لايلام هؤلاء القتلة المجرمون ، على قتل الأطفال والنساء ، والشيوخ والعجزة والمرضى ؛ بل هم يتلذّذون بقتل هؤلاء ، حقداً وتشفّياً ، ونكاية ، وزهواً ، وإحساسا بالتفوّق !

لايلام هؤلاء القتلة المجرمون ، على مايفعلون بالأوطان وشعوبها ؛ فهم لايحسّون بالانتماء ، إلى الأوطان ، ولا بالانتماء إلى الشعوب ! ولن نتحدّث عن قلوبهم ، المشحونة حقداً وضغينة، تجاه الشعوب !

إنّما اللوم ينصبّ ، على أبناء الملّة ، الذين يشعرون بالانتماء إلى الأمّة ؛ سواء أكانوا من أبناء الأوطان المنكوبة ، أم كانوا مواطنين في دول بعيدة ، أو قريبة ! فالعقيدة تمنح معتنقيها إحساساً مشتركاً بالأخوّة ، وتفرض عليهم واجبات أساسية ، إن قصّروا في أدائها ، فهم محاسَبون على تقصيرهم ، في الآخرة، ومذمومون في الدنيا ! وأخوّة العقيدة ، في الإسلام، تسبق أخوّة النسب!

بعض الإخوة بذلوا ، ثمّ قطعوا بذلهم ، فلهم الشكر! وبعضهم بذلوا ، وما زالوا ، فلهم الشكر المضاعف ! فأين الآخرون ؟ ومتى يشعرون ؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين