ما مدى صحة دعوى التنويريين: هم رجال ونحن رجال؟!

تخرجُ علينا كلَّ يوم وجوهٌ جديدةٌ من الرجال الذين يدّعون أنهم تنويريون ويتحدثون في أمور الدين ، وهؤلاء الرجال مدعومون من أعداء الإسلام ، وقد فُتحت لهم نوافذ الأقنية الفضائية ، ومنصّات دور الثقافة ومراكزها ، وأعطتهم المجلّات والصحف صدارةً في النشر ، واستضافتهم المؤتمرات الكبيرة المرعيّة من قوى الشر ، وحملَتْهم المنتديات الشبابيّة الموجّهة على أكتاف الغدر والمكر والتسويق ، ليحرّفوا في مفاهيم هذا الدين ويقفوا على بعض الأمور الخلافيّة ويشوّهوا من خلالها دين الله ، ناهيك عن ولوجهم في الثوابت الفكريّة العقيديّة وتزييفها أو العبث بها محاولةً منهم لزعزعة نفوس العامّة من الناس ، وتشكيك جيل الشباب بدينهم القويم .

 

وإذا سنحت لك الفرصة لمحاورة هؤلاء الرجال أو الاعتراض عليه بأنّه خالف في رأيه علماء الأمّة الذين اتفقوا على ما يخالف آراءهم المستحدثة فيقول لك : هُم رجال ونحن رجال

 

أقول : ماذا تقصدون بعبارتكم التي تقولون فيها ( هُم رجال ونحن رجال ) ؟! هل المقارنة تقوم على الفحولةِ ؟! أم تقوم على أساس مقاس القدم ؟! أم تقوم على أساس الطول والوسامة ؟!

 

هل تعلم يا أيها الرويبضة من هم الرجال الذين تساوي بينك بينهم ؟!

 

إسمع يا فحل !!! : إنّ العلماء الذين تساوي بينك وبينهم هم رجال أفنوا عمرهم في التعلّم والبحث والتدقيق والتمحيص فتعلموا علم العقيدة وعلم الحديث وعلم السند وعلم التفسير وعلم المنطق والاستدلال وعلم النحو والصرف وعلم المعاني ، وعلم الفقه ، وأشبعوا الأبحاث تمحيصاً وتدقيقاً ومقارنةً وافتراضاً حتى أصبحوا كُتباً مُتنقّلةً ومراجعاً صفحاتها عقولٌ واعيةٌ ، وسطورها العلم والمعرفة ، أمناء على كل حرفٍ تعلّموه ، وإن قصُر علم أحدهم عن مسألةٍ ما فلا يضيره أن يقول لا أعلم ، يحترمون كُلّاً باختصاصه لإدراكهم قيمةَ العلم وقيمةَ ما يكون في تفاصيله ، يخجل أحدهم بل لا يجرء على أن يطلق حكماً في مسألةٍ لم تكتمل لديه أركان معرفتها ومعرفة ما يتصل بها من علم

 

وهنا أسأل الرويبضة الذي يقول ( هُم رجال ونحن رجال ) : هل يكفي أنك تعلّمت القراءة والكتابة والقدرة على الكلام ، ووجدتَ محطةً فضائية تتبنّاك بتوجيهٍ عالمي ، ووجدت صحيفةً يوميّةً أو منتدى ثقافياً أو مؤتمراً لعيناً أو دار نشرٍ مأجورةً ، هل إذا وجدت واحدةً من هذه الفرص تصبح لكَ الحق في أن تساوي نفسك بهؤلاء الرجال ؟؟؟!!!

 

هل إذا كنتَ وسيماً وتملك ثمن البدلة التي تظهر شياكتك ، وتُحسن تصفيف شعرك يكفي لأن تقارعَ علم هؤلاء الرجال ؟! وتجلسَ كالفرعون لتطلق أحكاماً لا تعرف عن جذورها العلمية شيء ولا تملك من ثوابتها أدنى معرفةٍ ولا حتى معنى التعريف والمصطلح الذي تستخدمه !!!

 

ما هذا العبث المنظّم ، والفُجْرُ المدعوم ، والوقاحةُ السافرة ، والبغاء الفكريُّ المُمنْهج ؟!

 

مقالتي ليست موجّهةً إلى هؤلاء الزبانية ، فهم يدركون هذه الحقيقة لأنهم ضالعون في التآمر على دين الله ، ولكني اتوجه في المقال إلى العامّة من الناس وإلى جيل الشباب المخدوع بهم وإلى أنصاف المتعلمين والمثقفين ممن يؤمنون بالتفلّت الفكري وحريّة التعبير ، أقول لهم حذار من أن تقدّموا عقولكم وإنسانيّتكم وفطرتكم خرافاً على مذابح هؤلاء ، حذار أن تلجأوا إلى هؤلاء بسبب خيبة أملكم بسقوط بعض الرموز التي كنتم تحسبوها مراجع دينيّة ، حذار من هذا التنوير الذي يضيء لكم كهوفاً في جوفها هلاككم ، لا تسترخصوا أنفسكم ولا تُفرّطوا بقيمتكم التي حفظها الله لكم بدينه ، لا تكونوا أحذيةً في أرجل من ينتعلكم لمحاربة هذا الدين

 

دعكم من تنويرهم فوالله ليس فيهم أمينٌ عليكم … إنَّ من خان ربّه وخان نبيّه وخان دينه وخان فطرته وأجّر نفسه للشيطان لن يحرص عليك وعلى سعادتك ونجاحك ، لا يغرّنكم مظهرهم ولا الكراسي التي يجلسون عليها فهم ضباعٌ تفترسكم بأناةٍ ورويّة … والله لن يغنيكم أحدهم عند الله بشيء ، والله لن تجدونهم عوناً لكم على منصة الحساب ، انتبهوا إلى دينكم وإلى قيمكم ومفاهيمكم وأخلاقكم فأنتم ودينكم وقيمكم ومفاهيمكم أغلى من تنويرهم

 

حفظني الله وأيّاكم من الشر وأهله ، وجعلنا ممن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين