قال الشاعر:
قد شَمّرت ، عن ساقِها ، فشُدّوا=وجَدّت الحربُ بكمْ ، فجِدّوا
والقوسُ فيها وتَرٌ عُرُدُّ=مثلُ ذِراعِ البَكر، أو أشّدُّ
لا بدّ ممّا ليس منه بُدُّ
مصطلح (لابُدّ) ، مصطلح قديم جدّاً ، وشائع جدّاً ، في كلام العرب ، شعرهم ونثرهم ، قديماً وحديثاً ، وقد ورد ، بلفظه ومعناه ، في الشعر والنثر، كما ورد بمعناه ، في القرآن الكريم !
ورود المصطلح ، بلفظه ، في كلام العرب:
قال الشاعر لَبيد بن ربيعة العامري :
وما المالُ والأهلونَ إلاّ وَدائعٌ=ولا بدّ ، يوماً ، أن تُرَدَّ الودائعُ!
وقال بشار بن بُرد :
ولا بدّ مِن شَكوى إلى ذي مُروءَةٍ=يُواسيك ، أو يُسليك ، أو يَتوَجّعُ!
وقال المتنبّي :
تريدين لُقيانَ المَعاليْ رَخيصَة=ولا بدَ دونَ الشهد مِن إبَرِ النَحلِ!
وقد وردت كلمة (لابدّ) ، بمعناها ، دون لفظها ، مرّات عدّة ، في القرآن الكريم !
قال تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)
والمعنى واضح ، هنا ، وهو: أنّه لابدّ ، من فتنة ، يُعرف فيها الصادق ، الذي يَثبت في المحنة، والكاذب ، الذي قال الله ، عن أمثاله:
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ).
وقال تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).
والمعنى ، هنا ، هو: لابدّ من أن يعلم الله ، المجاهدين والصابرين ، ويعلم أصحاب الدعاوى الكاذبة ، الذين يقولون بألسنتهم ، مالا يفعلونه !
وقال ربّنا ، عزّ وجلّ : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ).
والمعنى ، هنا ، لابدّ أن تعرفوا ، مَثلَ الذين سبَقوكم ، وتتّعظوا بهم!
وإذا كان أحد الشعراء ، قد عبّر، عن شوقه إلى صنعاء ، وإصراره ، على الوصول إليها ، حين قال :
لابدّ مِن صَنعا ، وإنْ طالَ السَفَرْ=وإنْ تَحَنّى كلُّ عَودٍ ودَبِرْ
فلابدّ ، هنا ، من النظر، إلى حالة الشعوب العربية ، المطالبة بالحرّية ، ونَزْع أوتاد الظالمين، من صدورها .. لابدّ من النظر، بعين الإعجاب والاحترام والأمل ، إلى هذه الشعوب الحيّة، والتمثّل بقول أبي القاسم الشابي:
إذا الشعبُ ، يوماً ، أراد الحياة=فلا بدّ أن يَستجيبَ القدرْ
ولا بدّ لليلِ أن يَنجليْ=ولا بدّ للقيدِ أن يَنكسرْ
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول