أهمية حضور الأطفال إلى المساجد

يعلَق بذهن الصغير ما لا يعلقه ذهن الكبير ...وذلك لخلوّ أذهانهم من الهموم والغموم والمكدّرات ..

وربما ينسى المرء إحسان الكثير إليه ، لكن يعسر عليه أن ينسى إهانة أحد له ، وإلقاءه اللوم عليه ..

والأطفال هم الصباح ... أما الكبار فهم شمس الأصيل التي أوشكت على الغروب ..

والبناء للأجيال يكون في الطفولة ، لا في الكهولة ..

وليس غريبا أن يُكلّف المسلم بأن يؤذّن في أذن المولود لساعته ، إذ لا شك أن عالم اللاوعي يختزنها ، ويترجمها عند اليفاعة والوعي ..

والطفل يحب من يحسن إليه ، ويحنو عليه ، ويضع السكاكر بين يديه ، ولذلك عندما تتبسم في وجهه يبتسم .

والطفل يبغض من يسيء إليه ، ويصرخ عليه ، حتى العبوس في وجهه يجرّه للبكاء ..

ماذا لو أخبرتك أن أغلب الكبار الذين يصلون في المسجد ، لا يتحملون نزق الأولاد ، ولا حركاتهم الكثيرة ، وأعمالهم المثيرة ؟؟

لنتفق على أنه ينبغي عدم إحضار من لا فهم له ولا تمييز ...ولكن :

ألا ينبغي لمن وصل سنه للخامسة والسابعة ، أن يصبح المسجد مفردة من يومياته ؟؟

ولكل امرئ من دهره ما تعودا ...

وهل يمكن لمثل من في هذا السن ، إلا أن يتحرّك ويتعرّك ويتفرّك ؟؟

ماذا لو استقبل رجل في المسجد طفلا بالصراخ واللوم والتعنيف ؟؟

سيصبح المسجد لديه مكروها والصلاة لديه ثقيلة ....وربما غادر المسجد إلى غير رجعة ...

رؤية الصغار في المساجد هي البشرى والبشارة ...

والنبي صلى الله عليه وسلم نزل من على منبره واستقبل سبطه وعاد للمنبر ..

والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل حفيدته أمامة في صلاته ..وكان سبطاه يرتقيان ظهره وهو ساجد ، فيطيل السجود ليفرغا من لعبهما عليه ...

ولا يفوتني أن أنبه إلى خطأ منتشر مبني على حديث لا يصح بأن الرجال يكونون في الصف الأول ثم الأطفال ثم النساء ، الأمر الذي يجعل الكبار المتأخرين يطردون الصغار المبكرين إلى الخلف ضاربين بمشاعرهم عرض الحائط ،، بينما الوارد شرعاً أن الأطفال لا يقفون خلف الإمام مباشرة ، كي يمكن للإمام استخلاف مَنْ هو خلفه إذا نابه شيء في الصلاة ..

جبر الخواطر ورعاية المشاعر في ديننا عبادة ، بل من أجلّ العبادات ..

وعندما يدخل طفل حاملاً نقوداً إلى دكان ليشتري خبزاً أو سكاكر ، يقوم البائع بمداراته والصبر على سوء تعبيره ، أو العيّ في كلامه ، رغبة في الربح ، وطلباً لاستدامة المجيء إليه ..

ونحن في المسجد ينبغي أن نكون أشد صبراً من هذا البائع ، لأن ربحنا أعظم وتجارتنا أهم ..

يا عزيزي :

الصغار الذين نقسو عليهم في المسجد ، فيفرون منه ، هم الذين سنسأل عن سبب غيابهم عن المسجد بعد سنوات ..ونحن السبب ..وعندها يبطل التعجب والعجب ..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين