ثلاث رسائل تحريضية وراء مقتل الكاهن إبراهيم حنا بيدو

نستنكر الجريمة وندين القتلة المجرمين

لقي مصرعه في الأمس في الطريق بين الحسكة ودير الزور الكاهن الأرمني الكاثوليكي " إبراهيم حنا بيدو" ، راعي كنيسة " مار يوسف " للأرمن الكاثوليك في القامشلي بإطلاق نار كثيف على سيارته فقتل على الفور مع والده وأصيب بعض مرافقيه .

وعلى الفور نسبت بعض المصادر لما يسمى " تنظيم الدولة " أو أوحت إلى بعض عملائها في التنظيم المخترق من الراس إلى الساس فتبنى الجريمة الخرقاء ، التي يستحيي من مقاربتها العقلاء ....

نعتقد أن الجريمة المنكرة والمستنكرة كانت أصلا رسالة تحريضية متعددة المضامين والأبعاد ,,ولا بد لنا قبل الخوض في تفهم أبعادها من تأكيد استنكارنا للجريمة وإدانتنا لمرتكبيها بغض النظرعن خلفياتهم وهوياتهم وبواعثهم وأهدافهم ... .

نستنكر الجريمة ، وندين المجرمين ، ونتقدم بالعزاء لأسرالمصابين خاصة ولرعيتهم في الكنيسة التي يقومون عليها بشكل عام ..

لقد أراد المرتكبون الجريمة أن يرسلوا أكثر من رسالة ولأكثر من جهة ، ونظن أن تنظيم داعش لم يكن إلا الستارة والذريعة التي تعود أن يختبئ وراءها المجرمون كما تابعنا حالهم في بضع سنين ..

الرسالة الأولى التي أرادها المجرمون من وراء اغتيال كاهن أرمني في القامشلي ..

هي رسالة على طريقة معلمهم الأول نفسها " نحن حماة الأقليات في شمال شرق سورية وعلى الأقليات أن تلتف حولنا " . أنهم يريدون أن يقولوا لرعية الكاهن الأرمني المغدورفي القامشلي وما حولها : إنكم في مستهدفون في وجودكم وفي أمنكم فشدوا من أزرنا نشدد من أزركم ..ويبقى عنوان " داعش " الأعرض وسادا ليُستهدف من ورائه كل السوريين..والرسالة هنا ليست للأرمن الكاثوليك وحدهم ، وإنما لكل مكونات المشهد الديمغرافي في الجزيرة العليا بكل غناه وتنوعه . هذا المشهد الذي اكتشف بنفسه كذب الدعاوى والادعاءات .

والرسالة الثانية رسالة دينية عالمية تنادي : الوحا ..الوحا .. العجل ..العجل فإن المسيحية في المشرق في خطر وأن على كنائس العالم أجمع أن تتحد ضد هذا الشعب الذي يهدد الوجود المسيحي بالزوال . معانٍ طالما رددها وكررها لافروف وترامب وماكرون وسواههم وطالما استجاب لها من كنا نظن أن يكون أعقل وأحكم .. !!

والرسالة الثالثة ترسلها الجريمة ويرسلها المجرمون إلى كل الذين ظنوا أنه قد حان الوقت لطي راية الذريعة الداعشية التي كانوا هم أدرى بها : إن داعش ما تزال موجودة . وإن عليكم أن تستمروا في حرب الإبادة ضد كل ما هو مسلم وعربي في هذه المنطقة . ولنتذكر بهدوء الذريعة الكاذبة التي تشكل بعدها التحالف الأمريكي الدولي ، والتي احتلت أمريكا بعدها الشمال الشرقي من سورية .

يتحدثون في علم النفس الجنائي عن " الجريمة المركبة " والتي هي من نوع الجريمة التي حاكوها من قبل مع المجرم " ميشيل سماحة " . وإذا كانت جريمة المجرم ميشيل سماحة قد أخفقت فلم تحقق مقصدها فإنها مع الأسف لم تشكل سابقة تقاس عليها ، وتفسر بها كل الجرائم التي على شاكلتها والتي نعتبر جريمة قتل الراهب الأرمني مشتقا من مشتقاتها .

وعلى الرغم من كل المعطيات الناطقة مع كل الجرائم التي تقع على الأرض السورية ، والتي يرفض مدعو الموضوعية والديمقراطية قراءتها تبقى الرسالة الأوضح والأصرح التي يجب أن يتبادلها كل السوريين : سورية بلا ظلم ولا فساد ولا بغي ولا استئثار ولا امتيازات ستكون الأجمل والأكثر أمنا وسلاما ..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين