مسلمو الويغور في الصين.. بعد عام من المأساة
 
في مثل هذا الوقت قبل عام, كانت شوارع إقليم أورمتشي الصيني غارقةً في بحر من الدماء، إثر قمع الشرطة الصينية للاحتجاجات السلميَّة التي قام بها مسلمو الويغور في شوارع عاصمة إقليم «شينجيانغ», ردّاً على اعتداءات (الهان) عليهم، التي أودتْ بحياة 197 شخصاً, وإصابة 1700 آخرين.
لم يكترِث العالم لمعاناة المسلمين، وأشاح بوجهه إلى الجانب الآخر, رغم أنها كانت أسوأ أزمة عرقية شهدتها الصين منذ سنوات, حسب التقرير الذي أعدَّتْه منظمة حقوق الإنسان, وكُشف عن استخدام الشرطة الصينية الرصاص الحي لقمع المتظاهرين العُزَّل, إلى جانب الاعتداءات والاعتقالات التي تعرَّض لها المحتجُّون, فضلاً عن سياسة العزل التام للإقليم طيلة عشرة أشهر متتالية بعد الحادث، والفصل المتعمَّد لمعاناة مسلمي الويغور عن العالم الخارجي.
تحريض الحكومة
ومن أخطر ما أشار إليه التقرير أن الشرطة الصينية قامت بتوزيع الهراوات الحديدية على حشود «الهان» لضرب «الويغور»، مؤكداً مسؤولية قوات الأمن عن أعمال الشغب والعُنف التي اندلعت ضدّ مسلمي الويغور والعمل على إشعال نار الفتنة وتأجيج روح الكراهية ضدَّهم.
وللتملُّص من تبِعات ذلك, ألقت الحكومة الصينية المسؤولية على ما أسمته قوى التحريض الخارجية المعادية، في إشارة إلى «ربيعة قدير», زعيمة الويغوريين, التي نفتْ أيَّ تورُّط لها في هذه الأعمال, التي أبرزتْ أن الصين تعاني مشاكل متجذِّرة داخل حدودها، خاصةً التمييز ضد مسلمي الويغور, وتشجيع استيطان عرقيَّة «الهان» الصينية في المناطق الغربية، التي يقطنها المسلمون.
كما تقوم الصين بتهجير ممنْهَج لسكان الويغور لتغيير التركيبة السكانية في إقليم «شينجيانغ», والعمل على إلغاء تداول لغة «الويغور» في المدارس والمؤسَّسات التعليمية وحرق كتُبِهِم وطمس ثقافتهم، كما فرضتْ قيوداً مشدَّدة على بناء المساجد، برغم وعود الرئيس الصيني جين تاو, الذي التزم بالعمل على تحقيق نهضة في مستقبل هذه المنطقة المضطربة.
حرمان من الوظائف
ويقول كثيرٌ من الويغور إنهم يشعرون بالتحيُّز والتحامُل ضدهم عندما يبحثون عن عمل, حيث يفضِّل كثير من الهان, أصحاب الأعمال التجارية الصينية، استئجارَ شخص من عرقهم, وحرمان الويغوريين من تلك الوظائف, وذلك في ظلّ سيطرة الهان الصينيين على الشركات المملوكة للدولة، التي تشكِّل نحو 15% من الناتج الاقتصادي في شينجيانغ, وهذا ما يجعلُ فرصة الحصول على وظيفة للأقليات ومسلمي الويغور ضئيلةً للغاية.
يُشار إلى أن أقل من 20٪ من مسلمي الويغور يعثُرون على وظيفة عقِب تخرُّجِهم من الجامعات, ويقول «توهتي»: «لا نتحدث عن الناتج المحلي الإجمالي للصين الضخْم, حتى لو أصبَحَ أكبرَ ناتج في العالم, فمن الذي يتمتع به؟ بقدر ما توجد في الصين مدن غاية في الجمال والازدهار, توجد أيضاً مدن محرومة، إنها ليستْ مشكلةً اقتصادية, لكنه التمييزُ الذي يواجهه الويغور عندما يبحثون عن عمل, ينبغي أن يكون هناك هدفٌ واضحٌ لإنهاء مثل هذا الخَلَل, وإلا سيتمُّ تنفيذ خطة تطوير الحكومة المركزية بدون النظر إلى الويغور».
لقد ارُتكبت بحق مسلمي الويغور أفظعُ الجرائم دون أن يكترثَ المجتمع الدولي، أو حتى يلاحظ، ولا غروَ إن كان المسلمون في العالم لم يحرّكوا ساكناً.
لكن بعد مرور عام على هذه المحنة، ينبغي على المجتمع الدولي النهوض بمسؤولياته، وطرْح ملف الويغور على الطاولة في اللقاءات الرسميَّة الدولية، كما يتعيّن أيضاً على المجتمع الدولي إجراء تحقيق بشأن هذه الانتهاكات وفتح ملفات ما جرى من اضطرابات في العام الماضي، وبالطبع لا تحتاجُ الدول الإسلامية إلى مَن يوضح لها دورها
 
الأمان


 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين