الناصحُ معصوم؟!

لا بد من تقبل النصيحة بصدر رحب، وبحسن ظن، خاصة إن صدرت عن محب مخلص، وقد التزم شروط النصيحة من لطف، وستر، وما إلى ذلك من آداب،

إلى هنا لا خلاف، ولا اختلاف.

غير أن بعض الناصحين فهم النصيحة بطريقة خاطئة، وتوهم أن المنصوح قد كُتب عليه وفُرِضَ أن يقف بين يدي الناصح كالميت بين يدي المغسِّل؛ ليكون بذلك أبدى تقبله للنصيحة، وبعد ذلك كيفما كانت النصيحة لا يهم، وإن كانت هي في المغرب والصواب في المشرق!

فإن ناقش المنصوحُ الناصحَ وأخذَ يبرر ويوضح وجهة نظره، أو لم يتفق مع طرح الناصح، فإنه - في زعم الناصح- شخصٌ مغرور، ولا يقبل النصح، وإنه لن يستفيد وهو بهذا الطبع، وكيت وكيت وكيت!

عجبًا!

وهل هذا الناصح المبجل نزل من السماء تحفه الملائكة وبين يديه الحقيقة المطلقة التي لا تقبل النقاش أو النقض؟

وهل انحدرَ من بقايا المعصومين الموحَى إليهم، وانكشفت له الحقائق، وأحاط بكل شيء علمًا؛ حتى يصبح لزامًا على المنصوحين هزُّ الرؤوس، والتسليم المطلق، وتقبيل الأيادي؟

الحقيقة

أن حال الناصح لا يختلف عن حال المنصوح أبدا؛ فهذا قد يخطئ فيحتاج إلى من ينصحه، وذاك قد يخطئ في نصحه أيضا فيحتاج إلى من يسدده ويصوب خطأه، وينبغي عليه أن يعيش دور المنصوح تمامًا، فيتقبل الكلام بكل أدب، وذوق، ومراعاة، ودون أي تذمُّر، أو حكمٍ جاهز على المنصوح!

هل نفهم ذلك؟

أرجو ذلك.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين