شياطين الإنس التي تدمّر بلادنا هل وَظّفت بعض نُخَبنا؟ أم هذه من تلك؟

النُخَب .. المَلأ.. عِلية القوم .. السَراة .. أهل الحلّ والعَقد.. مرّة ثانية، وخامسة ، وعاشرة :

هاهنا، فليبحث الباحثون ، عن سرّ خراب الأوطان ، وفناء الشعوب ، وهلاك الأمم !

قال الشاعر القديم:

لايَصلح الناس فوضى، لاسَراةَ لهمْ ولا سَراةَ ، إذا جُهّالهم سادوا!

السُنّة الاجتماعية المألوفة ، المشاهَدة ، الجارية في كلّ عصر ومصر، أنه :

كلّما قلّ العلماء ، كَثر الجهَلة ، وحلّوا محلّ العلماء، وانتشروا، وعَزّو، وسادوا ، وأخضعوا شعوبهم ، لسلطانهم !

عَن عبد اللَّه بن عمر، قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَقُول :(إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمِ انْتِزاعًا يَنْتَزِعُهُ مِن الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاء ، حَتَّى إِذا لم يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا ، فَسُئلوا،فأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)!

وكلّما قلّ العقلاء ، كثر الحمقى والبلهاء ، وحلّوا محلّ العقلاء، وانتشروا ، وعَزّوا ، وسادوا، وأخضعوا مَن حولهم ، لسلطانهم !

وكلّما قلّ المخلصون ، كثر المنافقون والانتهازيون ، والنفعيون والمصلحيون ، وحلّوا محلّ المخلصين ، وانتشروا ، وعَزّوا ، وسادوا ، وأخضعوا الناس الذين معهم : في بلد واحد ، أو مكان واحد ، أو حزب واحد ، أو قبيلة واحدة ، أو دولة واحدة ..!

وغنيّ عن البيان ، أن الجهلة والحمقى والبلهاء .. يَسهل عليهم التعايش ، فيما بينهم ، غالباً ، ولا يعكّر صفوهم ، إلاّ العلماء المخلصون ، والعقلاء المخلصون ! فإذا قلّ المخلصون ، الذين تمنعهم أخلاقهم وضمائرهم، من العبث : بالبسطاء والجهلة ، والبلهاء والحمقى والمغفلين .. أو ضعف هؤلاء المخلصون ، أو تشرذموا .. حلّ محلّهم : المنافقون والانتهازيون ، والنفعيون والمصلحيون .. فعاثوا فساداً في البلاد ، ووظّفوا الضعفاء ، من العباد ، في العمل ، لتحقيق مصالحهم الشيطانية ، دون مراعاة ، لمشاعر هؤلاء البسطاء ، وثقتهم السهلة ، التي يضعونها، في العابثين ، من شياطين الإنس .. ودون مراعاة ، لحاجات أسَر البسطاء ، بمن فيهم ، من أطفال وشيوخ ونساء !

ويبقى السؤال قائماً ، حول النخب المخلصة : كيف تقلّ ، فيحلّ محلّها الشياطين ، المذكورون أعلاه؟

والإجابة البسيطة ، هي كالتالي :

الحكّام ، والنخب الفاسدة المحيطة بهم (الملأ) ، يحاربون المخلصين ، ويتخلّصون منهم ، بأساليب مختلفة، منها : القتل والحبس ، والتشريد والمحاصرة ، والترويع والتجويع .. وتلفيق التهم ، المؤدّية إلى تنفير الناس منهم .. وغير ذلك !

ومَن نجا ، من براثن الحكّام الظلمة ، ونخبهم الانتهازية .. شُغل بالخلافات ، حول الخطأ والصواب ، والحقّ والباطل .. في أمور هامّة ، أوتافهة ؛ ممّا يسهّل مهمّات الحكّام وزبانيتهم، في تهميش هؤلاء المخلصين ، والعبث بالبلاد والعباد ، بالأساليب التي تروق لهم ، ولا تكلّفهم كبير جهد !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين