ملكية الأشياء و الأفكار

الملكية الفردية نزعة أصيلة في النفس الإنسانية، وحق مشروع. وما من فلسفة أو نظام حاول إلغاءها إلا وتحطم وأخفق، وليست الشيوعية منا ببعيد؟!

وهي إما أنْ تكون ملكية أشياء أو ملكية أفكار، وقد عرف الناس قديماً وحديثاً تشريعات تحفظ ملكية الأشياء، وتعارفوا ولو بشكل أولي على ملكية الأفكار، إلى أن ظهرت في العصر الحديث تشريعات تحفظ هذه الملكية لأهلها؛ فهي تعني فيما تعنيه المسؤولية، لأن المؤلف أو المخترع عندما يثبت الإنتاج لنفسه يكون مسؤولاً عما قدم! 

لقد سبقَنا الغَربُ في هذا المجال، إلا أننا من خلال مسيرة العلم والفكر في تاريخنا توصلنا إلى مايحفظ ذلك، ويضبطه بوسائل تتناسب مع عصرها؛ كالإسناد في الرواية، ومعرفة الرجال، وتمحيص ما يسند إليهم. وإذا كانت الحكمة ضالة المؤمن، وإذا كان غيرنا قد توصل إلى ضبط هذا الأمر، فإن كثيراً من مؤسساتنا العلمية والفكرية قد استحسنت ذلك، قأصدرت القوانين التي تحفظ الحقوق، ولم يعد أصحاب الأفكار يكتفون بكلمات : حقوق الطبع والنشر محفوظة، بل استودعوا إنتاجهم في مؤسسات تشرف على حفظها وحمايتها ضمن فهرسة ورقم وتاريخ وفن محدد.

ومن العجب أن هذا الأمر كان قديماً على عكس ما نراه اليوم؛ فكان الرجل ينحل غيره: أي ينسب مؤلَّفه إلى غيره! بينما نجد اليوم من ينتحل ويدَّعي ما ليس له، بعد أن ضعفت الخشية ورقابة الذات، متناسيا أن ديننا نهى عن الادعاء الكاذب، وأمر بإعطاء الحقوق لأهلها؛ فكان لابد من وجود قوانين تحد من ذلك وتوقف المتجاوزين عند حدودهم، ورحم الله مَن قال: إن الله ليزع في السلطان ما لايزع في القرآن.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين