آكلات الأوقات(2)

قلت في منشور سابق تعرفون أن هناك آكلات اللحوم وآكلات الأعشاب

وأشرت إلى آكلات الاوقات والتي هي الأجهزة الحديثة الملازمة لنا دائما

معلوم أن حبات البرد النازلة من السماء عندما تذوب تحدث سيلا لا قبل لأحد بصده أو رده بحيث يدمر قرى بل مدنا بل يدمر كل شيء بأمر ربه والسيل صدق أو لا تصدق إنما هو مجموع نقاط مطر أو حبات برد نزلت ساعة من الزمن.

ومثال آخر:

فالصنبور المعطوب والذي يتسرب منه الماء نقطة نقطة اتركه أربعا وعشرين ساعة فوق برميل فارغ يسع مائتي لتر تجد البرميل قد امتلأ فهذه الكمية المهدورة من الماء يوميا قد لا يصرفها الواحد منا على كل احتياجاته اليوميَّة من شراب وغسيل ووضوء واغتسال

وكذلك الجوالات وأخواتها تأكل أوقاتنا اليومية هدرا وبدون طائل-- عند الأكثرين --تأكل أوقاتا ثمينة تحتاجها الصلاة كما تحتاجها الراحة والدراسة لكننا لا نشعر بها كونها تأكل أوقاتنا ثانية وراء ثانية فتمضي أعمارنا سدى وهل الأعمار إلا كما قال الشاعر:

دقات قلب المرء قائلة له:=إن الحياة دقائق وثواني 

ورحم الله الشيخ عبد الفتاح ابو غدة عندما الف ذلك الكتاب المفيد ( قيمة الزمن عند العلماء ) وشقيقه كتاب ( صفحات من صبر العلماء ) والذي أشار به إلى قيمة الوقت ولو كان ثانية او دقيقة.

قالوا لأحد الصالحين: لماذا تفضل أكل الفستق وأمثاله مطحونا ( سفوفا) على أكله مضغا ؟

قال: بين المضغ والسف فرق وقت يسع تلاوة خمسين آية.

ومن هنا يأتي الجواب على السؤال المطروح دائما: أين بركة الوقت؟ علما أن الوقت وقت السرعة واختصار الأوقات.

فالجواب: إن بركة الوقت صارت طعاما للأجهزة الذكية حيث سرقتها من وقت تلاوتنا للقرآن الكريم واقتنصتها من نصيب قيامنا لليل واختطفتها من أوقات أورادنا المسنونة ومطالعة الكتب المفيدة وغيرها من الأعمال المفيدة وأخيرا فالأوقات نعمة سيسألنا الله عنها كما جاء في الحديث الصحيح والمروي بعدة ألفاظ عن عدد من الصحابة رضوان الله عليهم قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع:

عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به )؟

وفقني الله وإيَّاكم وخصوصا أجيالنا الناشئين لما فيه خير الدنيا والآخرة.

الحلقة الأولى: هنا 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين