ازدواجية الخُلُق

ذلك الشخص الذي يتعامل مع رفيعي المستوى، وذوي المكانة أو الوظيفة الراقية، أو من بأيديهم بعض مصالحه، يتعامل معهم برقي وأخلاق في قمة الحسن؛ فلا تراه إلا هاشًّا باشًّا، هيّنا ليّنا، لدرجة مدهشة تجعل من يراه لأول وهلة في هذه الأجواء منبهرًا مُكْبِرًا!

وما إن يجالس مَن دونه في المستوى الاجتماعي أو المادي، والذين لا يترتب عليهم شيء من مصالحه أو تزكيته وسمعته عند الناس، إلا وينقلب رأسًا على عقب، فظا غليظ القلب، صعب المزاج حساسا بعد أن كان فاقدًا للإحساس عند الفريق الأول، ويتنمر فجأة بعد أن كان حملًا وديعًا، شكاكًا بعد أن كان متغافلا لدرجة المذلة والخور!

وقد يدخل ضمن هذا الفريق المغمور المهضوم أهلُهُ وأقرب الناس إليه،

كل ذلك فقط لأنه لا ينتظر من هؤلاء المساكين المغمورين شيئا، ولا يخاف من شيء يأتيه منهم!

ذلك الصنف ابتعد عنه كابتعادك عن ناقلة المواد المشتعلة وأشد!

أعيذ نفسي وإياكم من أن نكون من هذا الصنف، أو أن نجالسهم، أو أن نشم رائحتهم، وإن رائحتهم لتشم من مسيرة كذا وكذا.

ولهذا كله

إذا أردت معرفة حقيقة المرء وخلقه وتعامله فاقصد أقاربه وأهليه أو بسطاء الناس الذين عايشوه، وإياك أن تعتمد شهادة كبار القوم فإن شهادتهم فيه مجروحة، ويعتريها الجهل بحقيقة هذا الممثل البارع.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين