المسألة الأنثوية...

كتبت منشورا تضمَّن الحزن على حال المرأة على مستوى العالم حيث استغلها المجرمون لتلبية شهواتهم ، وقد تأثَّرت مجتمعاتنا بهذا الوباء العالمي فعاش الشباب والبنات فى ضنك كبير لصعوبة الحلال وسهولة الانغماس فى دنيا الشهوات!

وجاء فى ثنايا الكلام نصيحة للمرأة بعدم التسرُّع حتى لا تخسر إن حدث خلاف بينها وبين زوجها لأيِّ سبب ، والنصيحة نفسها نتوجَّه بها للرجال علم الله .. وضربت مثالا بالتعدد كأقصى ما يمكن أن يحزن المرأة ويوجد الخلاف ، ولم يسق الكلام لهذا الغرض أصلا ، فالمنشور ليس في الانتصار للتعدد ولا التحذير منه ، كان ما ذكرته مجرد مثال ، والوقوف عند المثال ليس من شيم الرجال.

لم يفهم بعض الناس المراد ، وغلبوا مخاوفهم أو أسقطوا الكلام على ما لم يقل، بل تجاوز بعضهم عند بعض من شارك المنشور؛ وظهر سوء الأدب ، بعد سوء الفهم ، وكل إناء ينضح بما فيه ..

فأحببت هنا توضيح بعض الأمور عن طريق السؤال والجواب .. وأرجو بهذا أن يكون الأمر واضحا .. ونحن عباد الله نحاول الفهم عن الله .. ولست أكتب لذكورية ولا أنثوية ، فمفهوم الصراع بين الذكر والأنثى مفهوم غربي تشربه بعض الناس ، فإن وجد فى الكلام ما لا يفهم أو ما لا يسير وفق هواه أسقط هذا على ذاك .. بل المعيار عندى ما شرعه الله وفق ما درست .. شرع الله الذي لا يحابي رجلا ولا امرأة .. فأقول :

- هل من حق المرأة إنهاء الحياة الزوجية إن تزوج زوجها عليها ؟

- نعم ، من حق المرأة إنهاء الحياة الزوجية سواء تزوج زوجها عليها أو لم يتزوج عليها ، وسواء وقع عليها ضرر وكان الضررر ماديا أو نفسيا ..

فإن وقع عليها الضرر من زوجها كأن كان يضربها أو يمنعها حقها ؛ فلتطلب الطلاق للضرر ، وإن كان الضرر نفسيا كأن تكون غير راغبة فيه لأنها ما عادت تحبه ، فيمكنها طلب الخلع مع رد المهر.

لكن قرار الانفصال يحتاج إلى حكمة وتأنّ لا تسرّع ، والمرأة بطبيعتها كائن متسرّع لغلبة العاطفة عليها ، وهذا لا يعيبها ؛ لأنه جزء من ميزاتها التي تؤهلها لوظيفتها فى الوجود ، فكما تعاب المرأة بزيادة نسبة العاطفة فى مقابلة نقص نسبة العقل ، يعاب الرجل بنقص نسبة العاطفة فى مقابل زيادة نسبة العقل .. فالعقل والعاطفة متقابلان إن زاد أحدهما نقص الآخر ، فالمرأة ناقصة عقل والرجل ناقص عاطفة .. وليس فى الأمر ما يعاب على عكس ما يروج أهل الحمق والجهل.

والأمر على التغليب ؛ فقد تكون امرأة أعقل من ألف رجل ، وقد يكون الرجل أكثر حنوا من ألف امرأة ، والنادر لا حكم له.. وأنت حيث تضع نفسك!

القصد أن المرأة تغلبها العاطفة ومن غلبت عاطفته قادته إلى قرارات متسرّعه دون ميزان للأمور بالنظر في الإيجابيات والسلبيات .. لذلك جعلت الشريعة الطلاق بيد الرجل لا المرأة ، وجعلت طلب الطلاق لضرر إن وقع على المرأة بيد القاضي لا بيدها ؛ لأن إجراءات الذهاب إلى القاضي ثم الحكم بعده ؛ يجعلها تتأنّى وتحسب الموضوع ويعالج مسألة التسرُّع لأنه يتمُّ فى وقت لا مجرَّد كلمة تخرج من اللسان.

أما فى الواقع -ومن يتزوجون يعرفون هذا جيدا- فالمرأة كثيرا ما تطلب الطلاق من زوجها لأتفه سبب ، والرجل فى الغالب لا يستجيب لعلمه بأنها فورة غضب سرعان ما تزول .. فلو كان الطلاق بيدها لانهدم البيت فى كل أسبوع مرة ، وهذا مصداق الحكمة الإلهية وتبرير واقعي لجعل الطلاق بيد الرجل لا المرأة ، لأن الإسلام يريد الإبقاء على البيوت لا هدمها!

بناء على ما سبق : فالمرأة من حقها -نعم- إنهاء الحياة الزوجيَّة ، لكن نصيحتى -غير الملزمة التى تمثل رأيا شخصيا- أن تتأنَّى فى هذا الأمر حتى لو كان ذلك لسبب بغيض جدا إلى نفوسهنَّ وهو أن يتزوج زوجها عليها ، وهو نهاية الدنيا وسواد السواد بالنسبة لبنات هذه الأجيال ..

أقول: حتى لو كان لهذا السبب فعليها التأنِّي والنظر : هل بهذه الخطوة أكون رابحة أم خاسرة .. فإن وجدت أنها رابحة ؛ فهي حرة تأخذ ما تشاء من قرارات ، ولتتحمل نتيجة قراراها ..

- هل من حق المرأة رفض زواج زوجها عليها ؟

- إباحة التعدد حكم شرعي المخاطب به الرجل بالأساس فلا دخل للمرأة به ، والتعدد تعتريه الأحكام الخمسة ، فقد يكون واجبا أو مكروها أو مستحبًّا أو محرَّما أوباق على الإباحة .. والذى يحدِّد مدى حاجته لذلك هو الرجل ؛ فتدخلها فى هذا الأمر شبيه بنظر الناس فى جوالك أثناء تصفحك، أو تدخل بعض جيرانك فى لون شقّتك، أو تدخُّل أبيك فى نوع حذائك، أو تدخُّل زوجتك فى نوع سيارتك ، و من تجالس من الأصدقاء على القهوة!

نعم يمكن لكل هذه الأطراف التدخل فى اختياراتك الشخصية بشرط وقوع الضرر ولحوق الأذى بهم ..

أى أن المرأة ليس من حقِّها منع زوجها من التعدد ؛ إلا :

1. إن لحقها ضرر مباشر ، أي: تقصيره في النفقة الشاملة للسكن والملبس والغذاء. فالضرر هنا يتمثل فى هدر حقها المادي.

2. إن لم يعدل بينها وبين الأخرى .. أي : تقصيره فى المبيت مثلا ، فالضرر هنا يتمثل فى هدر حقها المعنوي.

- فهل من الضرر التأذى النفسي اللاحق بالمرأة ؟

أقول : وجود الأذى النفسي لا ينكر ، وتصوُّر أنَّ المرأة قد توافق على زواج زوجها ضرب من الخيال .. لذلك نصحنا بالتأنّي .. مع العلم أنَّ الضرر حاصل فى كثير من العبادات ووجود الضرر فيها أهدرته الشريعة ولم تعتبره ، كما فى وقوع الضرر حالةَ الجهاد حيث تقطع الأيدي وتجرح الأعضاء وقد يموت الإنسان ، وكما فى وقوع الضرر من استيقاظك لصلاة الفجر ، وكما فى وقوع الضرر على المحجبة والمنتقبة التى تلبس زيَّها الشرعي فى الحر الشديد .. هذا ضرر معلوم لكنه غير معتبر فى النظر للحكم الشرعي لأن المنفعة المترتبة على التشريع ستكون أعلى بالتأكيد ، والشريعة تؤكد على تحمل الضرر الأقل فى مقابلة المنفعة الأعم والأكثر!

- هل هذا الكلام محاولة لشرعنة الذكورية باسم الدين ؟

- هذا الكلام هو ما تعلمته على مدار عشرات السنين ، واتهامنا بهذا لا يتعدى أن يكون من قبيل الجهل وعدم الفهم ، أو سوء الظنّ الناتج من سوء القصد ، أو هو عملية إسقاط على كلام لم نقله .. وننصح من لا يفهم أن يسأل إن كان فى الكلام غموض .. إن كان طالبا للحق.

أكتب ذلك لبيان ما هو الحق فى نفسه كما تعلمت ، ولا يخالفني فى هذا الذى كتبت طالب علم ولا عالم من عصر الصحابة إلى يومنا هذا .. فمن أساء الظن فينا بعد هذا البيان فهو وربه ، وإن بان لى خطأ بعض ما كتبت فأنا متراجع عنه وأستغفر الله منه. 

تنظر المقالة السابقة هنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين