قالوا عن الشيخ محمد سعيد الطنطاوي بعد وفاته (4)

 

انتشر نبأ وفاة العلامة الداعية المربي الشيخ محمد سعيد الطنطاوي على وسائل التواصل، وعلق الكثير من الإخوة المحبين له والعارفين بفضله على إثر هذه الفاجعة بفقده، وقد رأيت جمع ما وقفت عليه من كلمات وتعليقات في هذه المناسبة، وهذه الحلقة الرابعة ممَّا وقفت عليه:

قال أستاذنا الأديب الشاعر المحامي عليّ الرضا الحسيني:

محمد سعيد الطنطاوي رحمه الله

سعيدٌ في الحياةِ وفي المماتِ .... لبرهانٌ على الأهلِ التّقاةِ

قضى أيامَهُ علماً ووعظاً...... فيا بُشراهُ في نُزُلِ الدّعاةِ

هو الفردوسُ سكناهُمْ خلوداً.... وفي الجنّاتِ أخيارُ الثقاةِ

بأمر اللهِ يلقاهُ أخوهُ ..... (عليٌّ) معْ وجوهٍ صالحاتِ

فيا فوزَ الذي أُخراهُ نورٌ.... وأمضى العمرَ نوراً في الحياةِ

وكتب الأخ الأستاذ المهندس محمد جمال حجار في محاولة شعرية صادقة : 

رثاء للعلَّامة المؤرخ الفقيه الفيزيائي الحكيم الصالح الشيخ سعيد الطنطاوي ولا أُزَكي على الله أحداً وأحسبُهُ من الأولياء.

ليس عن قُدْرةٍ على الشِعر ولكن بِدافِع المَحَبَّةِ والعِرْفانْ.

يا سعيداً سَعِدَتْ به العُقلاءُ

وتناقَلَتْ مِن عِلْمِهِ العُلَماءُ

أتقنْتَ عِلْمَ الفِيزياءِ بَراعةً

وتَعلَّمَتْ من فِقهِكَ الفُقهاءُ

يا قُدوةً لِلزاهدينَ ومِنْبَراً

أضاءتْ مِنْ إِرشادِهِ الأَرجاءُ

أَحطْتَ بالتَاريخِ عِلْماً وافياً

فَتزَلْزَلَتْ مِنْ سَرْدِكَ الأَعْداءُ

بَعُدْتَ عن قَصْدِ البُنوكِ وَراعَةً

فتَبارَكَتْ بِصْلاحِكَ الصُلَحَاءُ

يا أَكرَم العُلماءِ في أَتْباعِهِمْ

وَصَلَتْكَ مِنْهُم مَحبَّةٌ ودُعاءُ

حَلَلْتَ ضيفاً لِلْإلَهِ بِمَكةٍ

وَلَدَى الكَرِيمِ يُكَرَّمُ الكُرَمَاءُ

ألمانيا 25.09.2019

وكتب الأستاذ عمير الجنباز الحموي:

لمحاتٌ في مآثر العلَّامة محمد سعيد الطَّنطاوي رحمه الله تعالى:

العلَّامة محمَّد سعيد بن مصطفى الطَّنطاوي تغمَّده الله بالرَّحمة والرضوان، وأعلى درجاته في الجنان، أحد نبلاء العصر وعلمائه وأدبائه وزُهَّادِه وعُبَّادِه، نادرةُ الزَّمان وحسنَته، وبهجةُ صباحه وغرَّته، أعجوبة في علومه الجمَّة، وفضائله التي لم يكن أمرُها على الناس غُمَّة، ولد بدمشق عام 1343ھ: 1924م، ونشأ في أسرة ذات فضل وارتقاء على كمال الطَّاعة، واعتزال اللَّهو والإضاعة، وقام على تربيته شقيقه الأكبر الشَّيخ علي الطَّنطاوي فاستكمل من الكمال أعلاه، ومن الأدب أولاه، ثمَّ التحق في المدارس النِّظاميَّة إلى أن حصل على الإجازة في العلوم الفيزيائيَّة كليَّة العلوم بالجامعة السوريَّة دمشق، وفاقَ على أقرانه، وأحرز قصب السَّبق في ميدانه، ثمَّ أخذ في التَّدريس وشَرع، وتميَّز وبرع، فعرفه النَّاس في ميادين التَّربية والدَّعوة خطيبًا مفوَّهًا مصقعًا، وأديبًا ظريفًا كيّسًا مُربِّيًا، ذا سجايا تزدري بالرِّياض النَّواضر، ومزايا تحار فيها الأعين النَّواظر، ليِّنَ الجانبِ، رحبَ الصَّدر، وله تآليف أدبيَّة، ورسائل فكريَّة، ودروس دعويَّة، تستعذبُ النفوسُ نثرَه، وتستطيبُ نظمَه وشعره، وكم شرعَ لها قرطاسه وشرعها بأقلامه، ونضَّد عقودها بإحكام أحكامه!

كأنَّ طروسَه روضٌ نضير...وأزهار المعاني فيه غضَّهْ

فكم نال الأديبُ بها غناه...لأنَّ كلامه ذهبٌ وفضَّهْ

وكان لطيف المجالسة، حسَن المؤانسة، يجري في مجالسه المطارحات الأدبيَّة، والمذاكرات الشعريَّة، والمواعظ النثريَّة، يتذاكر فيه أخبار من سلف، ويُتفاكه فيه في بدائع المِلَح والطُّرف، مستحضرًا للأدلَّة النَّقليَّة والعقليَّة، والشَّواهد النَّحويَّة والشِّعريَّة، فصيحَ اللِّسان، مليحَ البيان، آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المُنكر، مع مروءة ظاهرة، وشهامة باهرة، وتقنُّعِ الزُّهد والكفاف، وارتداء الصَّون والعفاف، قد نبذ الدُّنيا وراء ظهرِه، ورضيَ منها بكفايته مدى عُمرِه، فجعل من سلوكه وعمله صورةً حيَّة، ومثالًا يُحتذى، لما يكون عليه العلماء العاملين الصَّادقين، الأمناء على دين الأمَّة وعقيدتها، الأوفياء لشريعتها ورسالتها، ولم يزل مواظبًا على إفادته، مقبلًا على تقواه وعبادته، إلى أن جذبته المنيَّة، إلى الدَّار الباقية العليَّة في الخامس والعشرين من محرَّم عام 1441ھ، فغفرَ الله له وأعلى في المَدارج مُرتقاه، وجعلَ الجنَّة مثواه ومأواه، وأحسن الله عزاء أهله وتلامذته ومحبِّيه، وأخلف على المسلمين خيرًا، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون..

لَئِنْ تَركتَ دِيارًا قَدْ دَرَجْتَ بِهَا...فَفِي رحابِ الْهُدَى قَدْ كُنتَ في كَنَفِ

وَصِرتَ جارًا لِبَيتِ اللهِ مِنْ أَمدٍ...وَحَفَّكَ اللهُ في ظلِّ التُّقى الْوَرِفِ

فَنمْ "سعيدُ" بقبرٍ في حِمى حَرَمٍ...وَمِنْهُ تظهرُ للجنَّاتِ وَالْغُرَفِ

الحلقة الثالثة هنا 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين