العلامة القرضاوي : من العار زيارة القدس بتأشيرة الاحتلال الصهيوني

 

وصف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور يوسف القرضاوي دعوات بعض مسؤولي الأنظمة العربية بزيارة القدس الشريف في ظل الاحتلال الصهيوني بـ «العار»، مؤكداً أن الشرع الإسلامي والرؤية السياسية المعاصرة تجرّم تلك الدعوات التي تعطي الشرعية للكيان المحتل صفة اعتبارية بتلك الزيارات، مؤكداً أن زيارة القدس حرام على غير الفلسطينيين أصحاب الأرض ما دام الزائر سيدخلها بتأشيرة إسرائيلية، وبالتالي يعطي الاحتلال شرعية.
وأكد القرضاوي، في كلمته في افتتاح دورة «المعارف المقدسية» التي تنظمها لجنة القدس باتحاد الأطباء العرب في القاهرة يوم الثلاثاء (13/7/2010) بناء على طلب من الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أن يوضح الرأي الشرعي في هذا الأمر، أن المسلم يجب أن يشعر بأنه محروم من القدس وأنه يجب أن يدخلها محرراً ويصلي فيها تحت راية الإسلام لا تحت الإعلام الصهيونية، مبدياً تعجبه للمشايخ ورجال الدين «الذين لا يفقهون هذه القضية ولا يفهمون حقيقة أن هذه الزيارة فيها ترويج لإسرائيل وهو أمر حرام».
وقال القرضاوي في كلمته إن القدس هي قضية الأمة الإسلامية والعربية، وليست قضية الفلسطينيين وحدهم، مستغرباً قول بعض الحكومات العربية- بنوع من المنّ- إنها خاضت عدة حروب من أجل فلسطين، في حين أنها حاربت من أجل نفسها أيضاً لأن إسرائيل خطر على الجميع، والخطر الذي تواجهه القدس، تواجهه كل الدول العربية والإسلامية التي تنازلت عن كرامتها وتاريخها وحضارتها أمام الضغوط الصهيو-أمريكية، مشيراً إلى أن حالة التراجع العربي على المستويات السياسية والرسمية دفعت بالكيان الصهيوني إلى تنفيذ مخططه الاستيطاني، حسب قوله.
وشدد القرضاوي على أن التخلي عن المقاومة كان بداية النهاية لحالة الانهيار العربي التي تشهدها الساحة الحالية، منتقداً السياسيين العرب الذين قال إنهم أنقذوا إسرائيل عندما قبلوا هدنة رودس بعدما استولى الصهاينة على فلسطين وأعلنوا دولتهم، مؤكداً أنه كان من الممكن القضاء على المشروع الصهيوني في مهده، ولكن الهدنة أنقذت الصهاينة لأنها أعطتهم الفرصة للحصول على الإمدادات. ونوّه القرضاوي بما قاله أحد العسكريين العرب وقتها من أنه لا يخشي (شركوك) الإسرائيلي، في إشارة لوزير خارجية إسرائيلي سابق، ولكنه يخشى (شراكيك القاهرة والعرب) في إشارة لقبول مصر والعرب الهدنة مع إسرائيل، وسحب القوات بعد إعلان الدولة العبرية.
وأعرب القرضاوي عن حزنه لما وصلت له حال الانتكاسة التي أصابت حركة «فتح» بتخليها عن المقاومة، رغم تاريخها النضالي الطويل في الصراع العربي الصهيوني منذ كانت في أحضان جماعة الإخوان المسلمين إبان حرب فلسطين عام 1948، وحرب القناة 1951، ثم تراجعها الحاد منذ اتفاقية أسلو ثم مدريد وخارطة الطريق، وأخيرا أكذوبة المفاوضات غير المباشرة التي ظلت تعلق كل القضايا المهمة ولا تبحثها مثل القدس وعودة اللاجئين وغيرها.
 

وحذّر العلامة القرضاوي من خطورة الحفريات الصهيونية أسفل المسجد الأقصى وحملة التعديات والمخطط الاستيطاني الذي بدأ تنفيذه بوتيرة عالية في الفترة الأخيرة، في ظل صمت عربي ودولي مريب، وكذلك استمرار الحصار على قطاع غزة، مؤكداً أن الكيان الصهيوني ليس فقط خطراً على الدولة الفلسطينية ولكنه خطر علي المنطقة والعالم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
وقال الشيخ القرضاوي إن من انتصر للقدس هم الأتراك قديماً وحديثاً، قديماً نور الدين زنكي (التركي) تلميذ صلاح الدين (الكردي) الذين قال إنهم قادوا معركة تحرير القدس، مؤكداً أنهم عرب رغم عرقهم غير العربي، فهم يتكلمون العربية وثقافتهم عربية إسلامية. وحيّا القرضاوي المواقف التركية الأخيرة المؤيدة للحق الفلسطيني العربي في القدس الشريف، مشيراً إلى أن المواقف التي وصفها بالشجاعة التي أبداها رجب طيب أردوغان عقب العدوان على قطاع غزة ومساندته أسطول الحرية، مؤكداً أن الحق لا بدّ له من صوت حق يحميه ويحافظ عليه، في حين أن الأمة العربية لم تقم بدورها المنوط بها في الحفاظ علي مقدساتها وجغرافيتها وتخزن السلاح حتى يصدأ ولا تفعّل اتفاقية الدفاع العربي المشترك.
وكان بعض العلماء والمسؤولين قد أجازوا زيارة القدس تحت الاحتلال، وآخرهم وزير الأوقاف المصري حمدي زقزوق الذي دعا المسلمين لزيارة القدس، وأكد رغبته في زيارة المدينة غير عابئ بحصوله على تأشيرة إسرائيلية»، معتبراً أن زيارته تمثل «أكبر دعم للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين»، وأكد أنه تلقى خلال الفترة الماضية تأكيدات من مسؤولين فلسطينيين رسميين وشعبيين بترحيبهم بزيارته، واستنكر الهجوم عليه قائلاً «أتحدى المزايدين وأصحاب الشعارات الذين اتهموني بالتطبيع أن يناقشوني»، حسب تعبيره

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين