أذنت لزوجها أن يتزوج عليها

قالت لي وهي تحادثني عبر الهاتف :

أريد أن أسألك إن كنت أخطأت في تصرفي ؟

قلت : أي تصرف ؟

قالت : زوجي يريد أن يتزوج امرأة ثانية وأخبرني أنه لن يفعل ذلك إلا بعد موافقتي ؟

قلت : وهل وافقت ؟

قالت : نعم ؟

قلت : ما الذي جعلك توافقين ؟

قالت : لما تأخرت عليه في ردي ؛ تغير حاله ، فصار كثير القلق ، دائم التفكير ، فأشفقت عليه وأخبرته بموافقتي .

قلت : كيف كان استقباله لموافقتك ؟

قالت : فرح كثيراً ، وشكرني ، ووعدني بأن لا يسبب زواجه الثاني أي ظلم لي ولأولادي .

قلت : وهل علم أولاده بذلك ؟

قالت : لا ، وطلبت منه أن يؤجل ذلك إلى ما بعد الامتحانات التي بدأت .

قلت : هل هناك سبب آخر جعلك توافقين على زواجه ؟

قالت : نعم ، ابتغيت رضا الله تعالى بإرضائي زوجي حين وافقته على زواجه .

قلت : هذا ما أردت التأكد منه .

قالت : لم تجبني عن سؤالي إن كنت أخطأت في موافقة زوجي على رغبته في الزواج من امرأة ثانية .

قلت : أنت ، بإرضائك زوجك ، أحسنت تبعلك له ، وحسن تبعل المرأة لزوجها فيه أجر كبير لها . وأنت أدخلت السرور إلى قلبه بموافقتك على زواجه ؛ وإدخال السرور إلى قلب المسلم من أحسن العمل ، ... ولكن ...

قالت : في شيء من القلق : ولكن ماذا ؟

قلت : ولكن موافقتك هذه ستثير عليك استنكاراً واسعاً من أهلك وصديقاتك وربما من أولادك وبناتك .

قالت : لماذا يستنكرون عليَّ مادمت راضية ؟

قلت : سيتهمونك بالغباء ، أو بالطيبة الزائدة ، وسيلومونك لوماً شديد لأنك لم تمنعي زوجك من الزواج عليك وخاصة أنه أخبرك أنه لن يتزوج إلا بعد موافقتك .

قالت : هل تراني سأندم ؟

قلت : لا شك في أنك ستعيشين بعض ساعات الندم ، وخاصة عندما تثور فيك الغيرة الفطرية الموجودة لدى كل امرأة .

قالت : وهل تنصحني بشيء ؟

قلت : أنصحك بالصبر والاحتساب ، الصبر على الكلام الذي ستسمعينه من الناس ، واحتساب الأجر الذي يأتيك في ابتغائك وجه الله تعالى على ما تلقينه وما تعانينه .

قالت : وزوجي ؟

قلت : أرجو أن يـقدر لك زوجك قبولك بزواجه من أخرى ، وأن يجعله هذا أرأف بك وأعطف وأرحم .

قالت : وهل توصيني بشيء آخر ؟

قلت : احرصي على أنت تجعلي من زوجته الأخرى صديقة لك فإنك بهذا تكسبين رضا ربك عنك ، ثم رضا زوجك ، ثم تنجحين في إبعاد المشكلات عن حياتك الزوجية .

قالت : لقد طلبت منه أن يأخذنا معاً في عمرة بعد زواجه منها .

قلت : هذه فكرة جميلة منك ، واسمحي لي أن أصفك بأنك امرأة عاقلة حصيفة .. وأمثالك قليلات .

قالت : جزاك الله خيراً على ثنائك وحسن ظنك .

قلت : بارك الله فيك وأجزل لكِ الأجر .

قالت : هل أستطيع أن أخبرك بأمر آخر ؟

قلت : تفضلي .

قالت : لقد طلبت منه أن يتزوجها في يوم زواجنا نفسِه !

قلت : تريدين في التاريخ نفسه ؟

قالت : نعم ، ولقد أردت بهذا أمراً .

قلت : ما هو ؟

قالت : أن يعدل بيننا .. وأن ينظر إلينا نظرة واحدة .

قلت : تقبل الله منك هذا كله ، وأجزل لك المثوبة .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين