الشيعة ويوم عاشوراء!

شاءت إرادة الله أن يكون استشهاد الحسين رضي الله عنه في موقعة كربلاء الشهيرة في شهر الله المحرم، بل في اليوم العاشر منه أيضا، ليكون للشيعة -الذين يظنون أنفسهم حملة راية الحسين دون بقية المسلمين- شأن مع هذا اليوم، ليس لغيره من بقية الأيام!

- ونحن نقول لمن أراد أن يحزن لذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه وأصحابه الكرام في مثل هذا اليوم على يد الظلمة، فله ذلك، فإن استشهاده مما يحزن قلب كل مسلم، ولكن ذلك لا ينبغي أن نتجاوز فيه السنَّة، فلا يجوز شقّ الجيوب، ولطم الخدود، والتعزّي بعزاء الجاهلية، أما دمع العين وحزن القلب فلا حرج فيه، والحسين وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة، وهذا مما يخفف حزننا عليه وعلى أمثاله من أئمة الإسلام الذين قتلوا ظلما وعدوانا، فهم أحياء عند ربهم يرزقون، وقد قتل عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة ومُثّل بجثته الشريفة، ومع ذلك لم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم -مع حزنه عليه- ما يفعله بعض أهل الضلال الآن، فلم يتخذ يوم مقتله مأتما! ولم يتخذ الصحابة الذين شهدوا استشهاد علي رضي الله عنه يوم مقتله مأتما !

بل شيعة اليوم أنفسهم خصّوا الحسين رضي الله عنه بأشياء كثيرة لم يفعلوا شيئا منها إحياء لذكرى أبيه !

ومن هذه الأشياء المنكرة :

- إيذاء البدن في هذا اليوم إظهارا للحزن على استشهاد الحسين رضي الله عنه، وهو ما يسمّى التطبير، وهي من أشنع البدع التي شوهت صورة الإسلام في عيون كثير من الغربيين، وقد رأيت ذلك بنفسي في ألمانيا حيث تنشر كثير من المجلات والصحف السيارة صور الحمقى الذين ملأ الدم وجوههم وصدورهم، وتنشر تحتها كلمة ( الإرهاب الإسلامي) ولا أدري لم يتمسك بها عموم الشيعة، على الرغم من أن كثيرا من مراجعهم العظمى -حوالي مائة- ينكرون التطبير أشد الإنكار، وبعضهم يرى فيه الكفارة أو الدية لو حدث إيذاء لمسلم!

- صيام يوم عاشوراء إلى نصف النهار فقط أو إلى العصر عند كثير من الشيعة، وهذا مناقض لقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْل} [البقرة: 187]. وأما ترك صيامه بزعم أن أحاديثه ضعيفة كما يدعى بعضهم، أو أن هذه الأحاديث قد وضعها الأمويون فهراء سخيف، وزعم باطل مخالف للمنطق والعقل وللسنة الثابتة عن طريق أهل البيت أنفسهم.

وها هي ذي أحاديث ثلاثة من أوثق كتبهم تثبت أن صيام عاشوراء عندهم سنة كصيامه عندنا تماما:

- عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: "صام رسول الله صلى الله عليه وآله يوم عاشوراء" [1].

- عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه أن عليا عليهما السلام قال: "صوموا العاشوراء التاسع والعاشر فإنه يكفر ذنوب سنة" [2].

- عن جعفر عن أبيه عليه السلام أنه قال: "صيام يوم عاشوراء كفارة سنة" [3].

وهذه الأدلة توافق الأحاديث الكثيرة عند أهل السنة والجماعة، حيث تجعل لصيام هذا اليوم فضلا خاصا وهو ما رجحه كثير من علمائهم المعتبرين في كتبهم أيضا ، فلماذا يتركون ما أجمع عليه المسلمون وما دلت عليه أحاديث كبار أئمتهم؟

والغريب أن بعضهم يزعم أنهم يتركون صيامه حتى لا يتخذ هذا اليوم عيدا !

مع أن المعروف أن العيد في الإسلام لا يجوز صومه، كما أنه ليس للمسلمين سوى عيدين الفطر والأضحى، فهي إذن حجة داحضة شرعا وعقلا!.

--------------------------

[1] تهذيب الأحكام 4/299 والاستبصار 2/134 والفيض الكاشاني في الوافي 7/13 والحر في وسائل الشيعة 7/337 وهو في جامع أحاديث الشيعة 9/475 وكذلك في الحدائق الناضرة 13/370.

[2] أخرج الطوسي هذه الرواية في تهذيب الأحكام 4/299، وفي الاستبصار 2/134 وأخرجها الفيض الكاشاني في الوافي 7/13 والحر العاملي في وسائل الشيعة 7/337، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 9/474-475.

[3] تهذيب الأحكام 4/300 والاستبصار 2/134 وجامع أحاديث الشيعة 9/475 وهو في الحدائق الناضرة 13/371.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين