الاتجاه المقاصدي في تفسير ابن عاشور (1)

(الأساس النظري)

يعرف " الاتجاه " بأنه مجموعة المبادئ والأفكار المحددة التى يربطها إطار نظرى، وتهدف إلى غاية محددة [شريف,محمد,اتجاهات التجديد في التفسير في مصر, في القرن العشرين,القاهرة:دار التراث198263-68].

أما " المنهج " فهو مجموعة الوسائل والآليات الفكرية الموظفة لاحتواء أفكار اتجاه ما وتحقيق غايته ؟.

وتنبع أهمية هذا التمييز بالنسبة للتفسير خصوصاً – من تطورات العصر الحديث، وما فرضته من مناهج متنوعة في تناول النص القرآنى، وأساليب وأشكال فنية في تفسير الآيات القرآنية، تختلف عن الطريقة التقليدية التى التزمها المفسرون طوال عصورهم السابقة. هذا فضلاً عن الضرورة المنهجية التى تفرض مثل هذا التفريق.

وهكذا يتحدد " الاتجاه التفسيرى " بمجموعة الآراء والأفكار والنظرات والمباحث التى تشيع في تفسير ما، وتكون غالبة على ما سواها، ويحكمها إطار نظرى أو فكرة كلية تعكس بصدق مصدر الثقافة التى تأثر بها صاحب التفسير ولونت تفسيره بطابعها.

ومن هذا المنطق يمكننا الحديث عن اتجاه للتفسير بالمأثور، أو بالرأى، أو اتجاه لغوى، أو هوائى، أو علمى، … بينما يعرف " المنهج التفسيرى " بأنه الوسيلة المحققة

لغاية الاتجاه التفسيرى، والوعاء الذى يحتوى أفكار هذا الاتجاه التفسيرى أو ذاك. كالمنهج التقليدى أو الموضوعى …

ولا بد من أن نشير إلى أن هذا التقابل بين الاتجاهات ليس حاداً. فالاتجاه الواحد في التفسير على الرغم من تميزه عن غيره بسمته العامة والغالبة، قد يحمل بين جوانبه روافد وتيارات متنوعة لا تخرجه عن اتجاهه المحدد المعروف. فالتفسير بالمأثور إذ يصطبغ بصبغه الحديث عند مفسرى المحدثين كعبد الرازق والبخارى وابن أبى اتم، نراه يجنح إلى جانب اللغة عند مفسر كالبغوى، ويتلون بلون الحديث والفقه معاً عند ابن كثير [المرجع السابق ص ص 64 – 67].

كما أن أى اتجاه تفسيرى مهما تنوع أو اختلف، يمكن أن يتحقق من خلال أحد المناهج التفسيرية التقليدى القديم، أو الموضوعى، أو الموضوعى التقليدى، أو المقال التفسيرى.

نخلص من هذا كله إلى أن منظور تناولنا لتفسير (التحرير والتنوير) هى مبادئه وأفكاره العامة المحددة لأهدافه وغاياته التى تسرى وتتغلغل في ثناياه.

تفسير " التحرير والتنوير ":

إذا كان تفسير المنار من أهم الكتابات التفسيرية في المشرق العربى في القرن العشرين، فإن تفسير ابن عاشور " التحرير والتنوير " يحظى بالمكانة ذاتها في المغرب العربى. ولعل ما سيأتى يوضح الأسباب الموضوعية التى أكسبت هذا التفسير تلك الأهمية والمكانة السامقة.

لقد سنح لمحمد الطاهر بن عاشور أن يشرع في تصنيف تفسيره بعد أن انتقل من خطة القضا إلى خطة الفتيا سنة ( 1341 - 1923 ) كما يذكر في خطبة تفسيره[محمد الطاهر بن عاشور : التحرير و التنوير ، 1 / 6]. " فأقدم على هذا المهم إقدام الشجاع على وادى السباع " وأمضى في تأليفه ما يربو على تسع وثلاثين سنة، تقلب فيها بين كثير من الوظائف وأنجز كثيراً من الكتب والتصانيف، فكان تمام التفسير في عصر 12 رجب سنة 1380 هـ (1961) كما يحدد ابن عاشور – بدقة – في نهاية التفسير. ويلحظ أن هذه المدة الطويلة قد عاصرت تغيرات وتحولات كبيرة في المجتمع التونسى، لا سيما الاستقلال والتحديات التى واجهتها الحركة الاصلاحية، الأمر الذى يتوقع أن تنعكس آثاره على تفسيره، ولكننى لم أستطع أن أضع يدى بدقة على هذه الآثار، ولعلها تحتاج إلى دراسة أوسع وتحر أدق.

يقع تفسير " التحرير والتنوير " في ثلاثين جزءاً، طبعت طبعات مختلفة وكثيرة، ولم أقف – فيما وقع بين يدى من مصادر – على تحديد لتاريخ الطبعة الأولى من هذا التفسير. ويبدو أن هذه البسطة في الحجم قد أكسبته صفة الموسوعة العلمية الشاملة التى

تدل على سعة علم صاحبه وتنوع مناحى ثقافته، كما تدل على دأب جاد وعزيمة صادقة على إتمام هذا العمل المستفيض. وهذا ما عجز عنه كثير من علماء هذا الزمان، الذين قضوا نحبهم قبل أن يتموا تفاسيرهم، أو آثروا كتابة تفاسير موجزة صغيرة.

يفتتح ابن عاشور تفسيره بمقدمات عشر[محمد الطاهر بن عاشور : التحرير و التنوير ، 1 / 6]، يرى أنها ستكون عوناً للباحث في التفسير، وستغنيه عن معاد كثير، وتشبه أن تكون مقدمات في علم أصول التفسير وبعض علوم القرآن: كأسباب النزول، والقراءات، والقصص، والإعجاز القرآنى. ويلحظ في هذه المقدمات أن الهدف منها لم يكن تفصيل القول في هذه المواضيع واستقصائه بقدر ما كان الهدف لإعطاء لمحة موجزة عنها، وتحديد طريقته، ومنهجه في تفسير القرآن وتأويله، وموقفه من بعض القضايا الخلافية بين المفسرين.

من هنا تكتسب هذه المقدمات أهمية كبيرة في تحديد طريقة ابن عاشور، ومنهجه، واتجاهه التفسيرى كما تجلى في ثنايا تفسيره، كما سنرى لاحقاً.

يشرع ابن عاشور بعد هذه المقدمات في تفسير سور القرآن الكريم سورة سورة، وآية آية، طبقاً للأسلوب الذى درج عليه المفسرون القدامى في تفسير القرآن. وقد درج في تفسيره لأى سورة على تقديم لمحة عن اسم السورة، وسبب تسميتها بهذا الاسم، وعن مكان نزولها، وزمانه، وموقعها من القرآن، وعدد آياتها، مع إيراد الآراء المختلفة في ذلك كله. بعد هذه المقدمة يخصص ابن عاشور فقرة خاصة مستقلة يعرض فيها " أغراض السورة "، وسنرى أن لهذه الفقرة أهمية بالغة في اتجاهه التفسيرى. ثم يبدأ بعد هذا في تفسير آيات السورة آية تلو أخرى حتى تنتهى.

المبحث الأول: الاتجاه المقاصدي في تفسير ابن عاشور: ( المستوى التنظيرى ):

أ – النزعة النقدية والتجديدية:

قد لا تستطيع نظرة عجلى في تفسير ابن عاشور أن تعطينا حكماً موضوعياً مناسباً عنه. حيث توحى مثل هذه النظرة أنه من ذلك الطرز التقليدى من التفاسير الحاوية من كل فن وعلم والمشتملة على كل مذهب وقول، من غير ما انفراد بطريقة خاصة في التفسير والتأويل ولا استقلال برأى أو منهج أو دليل. ولعل الذى يساعد على هذا التوهم أسلوب الطاهر وطريقة عرضه للتفسير.

ولكن النظر المدقق المحقق في مقدمات تفسيره وأثناءه يدفع ذاك التوهم وينقض تلك الفكرة المتسرعة، ويثبت أن لابن عاشور اتجاهه المميز وطريقته الخاصة في تفسير القرآن وتأويله، ويؤكد بأنه انخرط في الحركة الإصلاحية والتجديدية التى نشأ بين أحضانها فكراً وتطبيقاً، مع الانفراد بطريقة خاصة تميزه عن جميع أقرانه ونظرائه من التجديديين والإصلاحيين.

فإننا لا نكاد نتجاوز خطبة الكتاب حتى نسمع ابن عاشور يقول: " فجعلت حقاً على أن أبدى في تفسير القرآن الكريم نكتاً لم أر من سبقنى إليها، وأن أقف موقف الحكم بين طوائف المفسرين تارة لها وآونة عليها، فإن الاقتصار على الحديث المعاد، تعطيل لفيض القرآن الذى ما له من نفاد "[ التحرير و التنوير ، 1/7].

فابن عاشور ملتزم منذ اللحظة الأولى أن يقدم لنا الجديد مما لم يفطن له الأقدمون، وأن يقف من تراثهم موقف الناقد المحقق لا المقلد المتبع. بل إنه يتبع كلامه السابق بتفصيله قائلاً: " ولقد رأيت الناس حول كلام الأقدمين أحد رجلين: رجل معتكف فيما شاده الأقدمون، وآخر آخد بمعوله في هدم ما مضت عليه القرون، وفي كلتا الحالتين ضر كثير، وهنالك حالة أخرى ينجبر بها الجناح الكسير، وهى أن نعمد إلى ما أشاده الأقدمون فنهذبه ونزيده، وحاشا أن ننقصه أو نبيده، علماً بأن غمض فضلهم كفران للنعمة، وجحد مزايا سلفها ليس من حميد خصال الأمة "[ المرجع نفسه ، 1 / 7].

إذن فنحن أمام نظرة نقدية تجديدية، لا ترضى بجمع القديم واستقصائه، بل تتطلع نحو فرز هذا التراث وتهذيبه، ومن ثم الإضافة عليه وزيادته من واقع " فيض القرآن الذى ما له من نفاد ".

" فالتفاسير وإن كانت كثيرة فإنك لا تجد الكثير منها إلا عالة على كلام سابق بحيث لا حظ لمؤلفه إلا الجمع على تفاوت بين اختصار وتطويل "[ التحرير و التنوير ، 1/32]. لذا لا يختار ابن عاشور من التفاسير إلا عيونها بل إن ابن عاشور يرى أن أهم أسباب تأخر " علم التفسير " هو الولع بالتوقيف والنقل، اتقاء الغلط الذى عظموا أمره في القرآن " مما نتج عنه أن أصبح الناس يغتفرون في التفسير النقل ولو كان ضعيفاً أو كاذباً، ويتقون الرأى ولو كان صواباً حقيقياً، لأنهم توهموا أن ما خالف النقل عن السابقين إخراج للقرآن عما أراد الله به"[ التحرير و التنوير ، 1/32].. وبسبب ترسخ هذه النظرة آل الأمر بالتفسير إلى أن أصبح " تسجيلاً يقيد به فهم القرآن، ويضيق به معناه "[ الطاهر ابن عاشور ، أليس الصبح بقريب ص 184 ، و محمد الحبيب الشعبينى ، الرؤية النقدية عند الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور، ص ص 383 – 388 .].

ولا أدل على هذه الرؤية النقدية التجديدية المتجذرة عند ابن عاشور من عنوان تفسيره الأصلى وهو " تحرير المعنى السديد، وتنوير العقل الجديد، من تفسير الكتاب المجيد "، الذى اختصره فيما بعد ليصبح " التحرير والتنوير من التفسير "[ التحرير و التنوير ، 1 / 8].

إذن إذا كان ابن عاشور من المؤمنين بضرورة التجديد والمتطلعين للضرب فيه بسهم، فكيف يحدد ابن عاشور مضمون هذا التجديد في التفسير وطريقته ؟ بعبارة أخرى، ما جوهر وما جماع الأفكار والرؤى النقدية والتجديدية التى يطرحها ابن عاشور ؟!

قد لا تكفينا – لتقديم إجابة دقيقة متكاملة – مطالعة تفسير ابن عاشور بمقدماته العشر. بل يلزمنا لفهم طريقة ابن عاشور ونظريته الإطلاع على مختلف نتاجاته الفكرية وخلفيته الاجتماعية والثقافية، الأمر الذى سيوحى لنا بالكثير، وسيفسر لنا أموراً كثيرة ما كنا نعلم أهميتها لديه ومكانتها لولا ذلك. وقد ذكرنا طرفاً من حياته وكتاباته فيما سبق.

انطلاقاً من ذلك يمكن القول إن الخيط الذى يسلك فكر ابن عاشور في نسق واحد، أو " المفهوم المفتاحى " الذى يتخلل في ثنايا كتاباته هو مفهوم " المقاصد ". فقلما يعالج ابن عاشور موضوعاً - أى موضوع كان - إن في مقالة أو كتاب دون أن يرد لمفهوم " المقاصد " ذكر، أو يكون له دور في بناء فكرته وتطويرها حول ذلك الموضوع. بل يمكن القول. بقليل من المجازفة – إن مفهوم " المقاصد " هو من أكثر المفاهيم والمصطلحات توارداً وتواتراً في نصوص ابن عاشور. فإلام نرجع تفسيرهذه الظاهرة ؟!

يبدو أن الأمر لا يحتاج كثير تحليل وعناء لفهم ذلك. فالناظر في الخلفية العلمية التى نشأ عليها ابن عاشور يلحظ أنه ينتمى إلى المدرسة المالكية المغربية، ومعلوم ما لهذه المدرسة من تميز وملامح خاصة تختلف عن مالكية المشرق، لا سيما في مجال " مقاصد الشريعة " التى بلغ فيها الشاطبى شأواً عظيماً. وهذه " النزعة المقاصدية " وإن خبت لفترة من الزمن، لكنها ظلت كامنة بالقوة، منتظرة الحركات الإصلاحية التى بدأت بشائرها في المغرب العربى في النصف الثانى من القرن التاسع عشر حتى تبعث وتحيا من جديد. وهكذا يطبع " الموافقات " أول طبعة له في تونس سنة 1302 هـ – 1884م، ويعزى هذا الدور تاريخياً إلى خير الدين التونسى[إسماعيل الحسنى ( م . س ) ص 78]، ويكتب علال الفاسى كتاباً يتعرض فيه لمقاصد الشريعة على نحو موجز، وإذا أضفنا إلى ذلك أن مدرسة الإصلاح المشرقية – بزعامة الأفغانى وعبده – قد أولت اهتماماً بالغاً بمقاصد الشريعة، حتى نقل عن الإمام محمد عبده تنبيهه وتوصيته الملحة بأهمية كتاب " الموافقات " وضرورة نشره والاستفادة منه [الشاطبى : الموافقات ، من مقدمة عبد الله دراز ص 16].

في ظل هذا الوضع لم يكن من ابن عاشور إلا أن انطبع بهذا الاهتمام، وتشرب هذا التوجه، فأخرج لنا أول مؤلف مستقل متكامل في " مقاصد الشريعة الإسلامية " في العصر الحديث، حتى إنه لفرط حماسته كان أول من دعى إلى إنشاء علم مستقل يدعى "علم مقاصد الشريعة". وقد وضع ابن عاشور في كتابه هذا خلاصة نظريته المقاصدية وزبدتها على نحو دقيق ومنهجى، حتى أنشأ مدرسة أو اتجاهاً مقاصدياً كاملاً في المغرب العربى.

فإذا كان الأمر على هذا النحو فلا غرو أن يندرج تفسيره أيضاً ضمن هذا النسق الفكرى، ويتشح بهذه الطريقة والنظرية المقاصدية، لتسرى في حنايا تفسيره وتبرز بشكل تطبيقى عملى. وهذا ما سنحاول تلمسه وتتبعه فيما يأتى:

ب – طبيعة الاتجاه المقاصدي:

يكرس ابن عاشور منذ خطبة تفسيره مفهوماً للقرآن الكريم ذا ثلاث شعب:

فالقرآن هو: 1- الجامع لمصالح الدنيا والدين.

2- الحاوى لكليات العلوم ومعاقد استنباطها.

3- الآخذ قوس البلاغة من محل نياطها [التحرير و التنوير ، 1 / 5 .] [التحرير و التنوير ، 1 / 38 .].

هذا التحديد وإن جاء على نحو عرضى في سياق خطبة ابن عاشور، إلا أن له بالغ الأثر والأهمية في التعريف بتفسيره وطريقته ومنهجه، كما سترى لاحقاً.

يفرد ابن عاشور مقدمة بالغة الأهمية يحدد فيها غرض المفسر من التفسير، ويتعرض فيها لمقاصد القرآن والعلاقة بين هذين الأمرين. يبدأ ابن عاشور حديثه عن مقاصد القرآن فيتناولها من زاويتين: يحدد في الأولى المقصد الأعلى من القرآن، وفي الثانية المقاصد الأصلية التى جاء القرآن لبيانها.

أما المقصد الأعلى من القرآن الكريم فهو كما يحدده ابن عاشور: " صلاح الأحوال الفردية والجماعية والعمرانية " وتفصيل هذا هو أن:

" الصلاح الفردى يعتمد تهذيب النفس وتزكيتها، ورأس الأمر فيه صلاح الاعتقاد لأن الاعتقاد مصدر الآداب والتفكير، ثم صلاح السريرة الخاصة، وهى العبادات الظاهرة كالصلاة، والباطنة كالتخلق بترك الحسد والحقد والكبر ".

وأما الصلاح الجماعى فيحصل أولاً من الصلاح الفردى إذ الأفراد أجزاء المجتمع، ولا يصلح الكل إلا بصلاح أجزائه، ومن شئ زائد على ذلك وهو ضبط تصرف الناس بعضهم مع بعض على وجه يعصمهم من مزاحمة الشهوات ومواثبة القوى النفسانية. وهذا علم المعاملات، ويعبر عنه الحكماء بالسياسة المدنية.

وأما الصلاح العمرانى فهو أوسع من ذلك، إذ هو حفظ نظام العالم الإسلامى، وضبط تصرف الجماعات، والأقاليم بعضهم مع بعض على وجه يحفظ مصالح الجميع، ورعى مصالح الكلية الإسلامية، وحفظ المصلحة الجامعة عند معارضة المصلحة القاصرة لها، ويسمى هذا بعلم العمران وعلم الاجتماع [المرجع نفسه 1 / 40 – 41].

هذاما يتعلق بالمقصد الأعلى من القرآن، وأما المقاصد الأصلية-التى تندرج ضرورة تحت المقصد الأعلى الجامع – فهى حسب استقراء ابن عاشور ثمانية يمكن أن نلخصها فى [المرجع السابق 1 / 41 – 42 .]:

1- إصلاح الاعتقاد.. وهذا أعظم سبب لإصلاح الخلق.

2- تهذيب الأخلاق.

3- التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة.

4- سياسة الأمة.. وفيه صلاح الأمة وحفظ نظامها.

5- القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسى بصالح أحوالهم، وللحذير من مساويهم.

6- التعليم بما يناسب حالة عصر المخاطبين، وما يؤهلهم إلى تلقى الشريعة ونشرها، وذلك علم الشرائع وعلم الأخبار.

7- المواعظ، والإنذار، والتحذير، والتبشير.

8- الإعجاز بالقرآن ليكون آية دالة على صدق الرسول.

قد يتساءل المرء عن علاقة هذا العرض المقاصدي بتحديد غرض المفسر من التفسير !. تتضح هذه الصلة حين يقول ابن عاشور:

" غرض المفسر بيان ما يصل إليه، أو ما يقصده من مراد الله تعالى في كتابه بأتم بيان يحتمله المعنى، ولا يأباه اللفظ من كل ما يوضح المراد من مقاصد القرآن، أو ما يتوقف عليه فهمه أكمل فهم، أو يخدم المقصد تفصيلاً وتفريعاً.. مع إقامة الحجة على ذلك إن كان به خفاء، أو لتوقع مكابرة من معاند أو جاهل، فلا جرم كان رائد المفسر في ذلك أن يعرف على الإجمال مقاصد القرآن مما جاء لأجله، ويعرف اصطلاحه في إطلاق الألفاظ، وللتنزيل اصطلاح وعادات.. " [ المرجع نفسه 1 / 38 .].

يتبين لنا من عبارة ابن عاشور هذه أن عمل المفسر وفهمه إنما يجب أن يدور مع المقصد، ومع كل ما يمكن أن يسهم في إيضاحه وجلاءه. فالمقصد القرآنى هو قطب الرحى في حركة المفسر بمختلف نواحيها ومستوياتها. فبحوث المفسر، وتحليلاته اللغوية، أو البلاغية، أو الكلامية، أو التشريعية، أو الاجتماعية.. كل ذلك يجب أن يصب في خدمة المقصد القرآنى أساساً.

وهذا هو المعيار الذى يحكم عند مطالعة التفاسير ليعرف " مقادير اتصال ما تشتمل عليه بالغاية التى يرمى إليها المفسر، فيوزن بذلك مقدار ما أوفي به من المقصد ومقدار ما تجاوزه" [المرجع نفسه 1 / 13 .].

وانطلاقاً من هذه الرؤية المقاصدية يحدد ابن عاشور موقفه ورأيه في كثير من المسائل والقضايا التى تعد من أصول التفسير ومباديه، فتكون بمثابة الضابط الذى يحدد له الاختيار الصحيح والوجهة الحقة. فابتداء بتعريف التفسير الذى لا يقر بكونه علماً إلا لبضع وجوه أحدها: " أن حق التفسير أن يشتمل على بيان أصول التشريع وكلياته فكان بذلك حقيق بأن يسمى علماً.. ولكن المفسرين ابتدأوا بتقصى معانى القرآن فطفحت عليهم وحسرت دون كثرتها قواهم، فانصرفوا عن الاشتغال بانتزاع كليات التشريع إلا في مواضع قليلة" [التحرير و التنوير ، 1 / 42 – 43 .] .

فإذا تطرق لمسألة التفسير العلمى، أو ما يصح الاستعانة به من العلوم في التفسير، كان المعيار المحكم لديه هو " خدمة المقاصد القرآنية ". يذكر ابن عاشور أن من طرائق المفسرين طريقة تقوم على جلب " مسائل علمية من علوم لها مناسبة بمقصد الآية: إما على أن بعضها يومئ إليه معنى الآية، ولو بتلويح ما، كما يفسر أحد قوله تعالى:

" ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيراً كثيراً " فيذكر تقسيم علوم الحكمة ومنافعها.. وكذلك أن نأخذ من قوله تعالى: " كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم " تفاصيل من علم الاقتصاد السياسى وتوزيع الثروة العامة.. وهلم جراً

وإما على وجه التوفيق بين المعنى القرآنى وبين المسائل الصحيحة من العلم حيث يمكن الجمع، وإما على وجه الاسترواح من الآية. كما يؤخذ من قوله " ويوم

نسير الجبال " أن فناء العالم يكون بالزلازل..

وشرط كون ذلك مقبولاً أن يسلك فيه مسلك الإيجاز فلا يجلب إلا الخلاصة من ذلك العلم ولا يصير الاستطراد كالفرض المقصود له لئلا يكون كقولهم: الشئ بالشئ يذكر" [المرجع نفسه ، 1 / 45 .].

وبعد أن يقرر رأيه في المسألة يعرض آراء العلماء فيها، ويخلص إلى القول:

" إن السلف بينوا وفصلوا وفرعوا في علوم عنوا بها ولا يمنعنا ذلك أن نقفي على آثارهم في علوم أخرى راجعة لخدمة المقاصد القرآنية أو لبيان سعة العلوم الإسلامية"[المرجع نفسه].

فهو كما نرى لم ينف التفسير العلمى أو ينقضه من أساسه، كما لم يعتمد عليه ويعتبره أساس الهداية القرآنية، وإنما رأى أن القرآن قد أشار إلى علوم أو جاءت هى موافقة له – كعلم طبقات الأرض، والطب، والفلك، – فهذه يكتفي منها بما يحقق المقاصد القرآنية ويخدمها فحسب.

وإذا انتقلنا إلى موضوع أسباب النزول نجد ابن عاشور ينتقد المتقدمين الذين ألفوا في أسباب النزول فاستكثروا منها، وأساءوا بتلقفهم روايات ضعيفة أثبتوها في كتبهم وتوسعوا فيها توسعاً ضيق معانى القرآن العليا.. والحق أن " القرآن جاء هادياً إلى ما به صلاح الأمة في أصناف الصلاح، فلا يتوقف نزوله على حدوث الحوادث الداعية إلى تشريع الأحكام "[المرجع نفسه]. فهو " إنما جاء بكليات تشريعية وتهذيبية عامة"[ المرجع نفسه ، 1 / 46 .] ، لذا نرى أن ابن عاشور يمحص أسباب النزول فلا يختار منها " إلا ما توقف فهم المقصود من الآية على علمه" [ المرجع نفسه ، 1 / 50 .].

وحتى القصص القرآنى البديع فإن الغاية منه لا تقتصر على حصول العبرة والموعظة، بل تتجاوز ذلك إلى إرشاد الأمة، وتعريفها بتاريخ من سبقها من الأمم ولكى " تنشئ في المسلمين همة السعى إلى سيادة العالم كما ساده أمم من قبلهم ليخرجوا من الخمول الذى كان عليه العرب إذ رضوا من العزة باغتيال بعضهم بعضاً.. حتى آل بهم الحال إلى أن فقدوا عزتهم فأصبحوا كالأتباع للفرس والروم "، بالإضافة إلى " فوائد في تاريخ التشريع والحضارة وذلك يفتق أذهان المسلمين للإلمام بفوائد المدنية" [ المرجع نفسه ، 1 / 47 .].

ولا يفتأ ابن عاشوراً مؤكداً حتى عند تناوله لترتيب آى القرآن ومناسباتها على أن " الغرض الأكبر للقرآن هو إصلاح الأمة بأسرها. فإصلاح كفارها بدعوتهم إلى الإيمان ونبذ العبادة الضالة، واتباع الإيمان، والإسلام، وإصلاح المؤمنين بتقويم أخلاقهم وتثبيتهم على هداهم وإرشادهم إلى طرق النجاح وتزكية نفوسهم، ولذلك كانت أغراضه مرتبطة بأحوال المجتمع في مدة الدعوة" [التحرير و التنوير ، 1 / 67 .].

ووظف ابن عاشور مفهوم " المقاصد " أيضاً في تحليله للنظم القرآنى وخصائصه، فكان له في ذلك نظرات حاذقة مبتكرة كقوله مثلاً: " نرى من أعظم الأساليب التى خالف بها القرآن أساليب العرب أنه جاء في نظمه بأسلوب جامع بين مقصديه وهما: مقصد الموعظة ومقصد التشريع، فكان نظمه يمنح بظاهره السامعين ما يحتاجون أن يعلموه وهو في هذا النوع يشبه خطبهم، وكان في مطاوى معانيه ما يستخرج منه العالم الخبير أحكاماً كثيرة في التشريع والآداب، وقد قال في الكلام على بعضه " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " هذا من حيث ما لمعانيه من العموم والإيماء إلى العلل والمقاصد [المرجع نفسه ، 1 / 81 .].

أعتقد أن فيما سقته من أمثلة دلالة كافية على مدى محورية مفهوم " المقاصد " ومركزيته في فكر ابن عاشور لا سيما في مستوى التأصيل التفسيرى، أما على المستوى التطبيقى فهذا ما سنتحقق منه ونتبينه في الفصل التالى.

ولكن يلزمنا قبل الانتقال إلى ذلك توضيح قضية هامة، وهى الفرق بين الاتجاه المقاصدي كما تجلى عند ابن عاشور والاتجاهات التفسيرية الأخرى، لا سيما الهدائى منها باعتباره الأكثر قرباً واشتراكاً في كثير من القضايا الرئيسية. بعبارة أخرى، ما سبب إفرادنا لابن عاشور اتجاهاً خاصاً وطريقة مميزة ولم ندرجه في سياق اتجاهات أخرى تتقاطع معه في كثير ؟!.

الاتجاه المقاصدي والاتجاه الهدائي:

تنبع أهمية هذه القضية - أعنى التمييز بين الاتجاه المقاصدي والآخر الهدائى – من أمرين اثنين:

الأول: الصلة المباشرة والاحتكاك القديم بين ابن عاشور والمدرسة الإصلاحية المشرقية ممثلة بمحمد عبده ورشيد رضا، ومتابعته لنتاجها الفكرية، بما فيها تفسير المنار الذى ينشر تباعاً في مجلة المنار، التى كانت تتداول في تونس بين المجموعات الإصلاحية.

الثانى: إن تفسير ابن عاشور لم يتم حتى بداية الستينات من القرن العشرين، أى أنه سبق بكثير من التجارب الإصلاحية والتجديدية في تفسير القرآن، والتى من المفترض أنه اطلع عليها.. وهذان الأمران يجعلان التساؤل السابق مشروعاً ومفهوماً.

بداية لا بد من الإشارة إلى أنه بعد تفتيش طويل في أحشاء تفسير ابن عاشور وثناياه لم أعثر على أية إشارة أو ذكر لأى من التفاسير الحديثة أو رواد الإصلاح والتجديد أو أحد من معاصريه، اللهم إلا مرات قليلة تضمنت إشارات إلى بعض شيوخه مثل بوعتور أو غيره. وهذا أمر يدعو للتساؤل – بحد ذاته – عن سبب هذا الإغفال أو التجاهل.

قد يصعب تحديد السبب الدقيق لهذه الظاهرة، ولكن نظرة شاملة وكلية إلى أسلوب ابن عاشور قد تساعدنا في تفسير ذلك وتوضيحه. إذ يبدو أن ابن عاشور قد أخذ على نفسه مقارعة الأقدمين ومنازلتهم، فكان منه الجرى على أساليبهم وعاداتهم في التفسير، وإن كان قد انحاز عنهم من حيث المحتوى والمضمون. فنلحظ الأسلوب التقليدى القديم في عرض الآيات وتفسيرها وفي أسلوبه اللغوى الذى يستخدمه، وفي تحاشيه ذكر أى مناسبة أو حدث معاصر، وكأنه يعيش بمعزل عن الواقع المعاصر له. وكأن ابن عاشور تعمد أن يتوفى.. سنن الأقدمين من حيث الشكل، والأسلوب، والقالب العام للتفسير، حتى يكاد يبدو واحداً من أعلامهم ومبرزيهم، وإن كان قد شق من جهة المضمون والمحتوى طريقاً غير التى سلكوا وابتكر نهجاً غير الذى عرفوا.

إذا عدنا إلى المقارنة بين الاتجاهين المقاصدي والهدائى فكيف سيتجلى لنا تمايزها ؟!

يأكد الهدائيون وعلى رأسهم رشيد رضا على " أن القرآن الكريم إنما هو مرشد وهاد للناس إلى ما فيه سعادتهم في حياتهم الدنيا وحياتهم الآخرة، فإن هذا هو المقصد الأعلى وما وراءه تابع له أو وسيلة لتحصيله" [المرجع نفسه ، 1 / 115 – 116 .] واستخدامه لمفهوم " المقصد الأعلى " هنا يذكرنا بما سبق ذكره، ويؤكد التقارب بين الاتجاهين.

بل إن التحديد الذى وضعه صاحب المنار لطبيعة التفسير ووظيفة المفسر يتشابه كثيراً مع ما اعتبره ابن عاشور غرض المفسر – الذى ذكرناه – إذ يقول رشيد رضا:

" فالتفسير الذى يجب على الناس على أنه فرض كفاية هو ذهاب المفسر إلى فهم مراد القائل من القول وحكمة التشريع في العقائد، والأخلاق، والأحكام على الوجه الذى يجذب الأرواح، ويسوقها إلى العمل والهداية المودعة في الكلام، ليتحقق فيه معنى قوله: " هدى ورحمة " [محمد إبراهيم شريف ( م . س ) ص 311 .].

والمقارن بين الاثنين في هاتين النقطتين قد يظن أنهما متفقان تمام الاتفاق، وكأنهما مقتبسان من مشكاه واحدة، بل قد يثبت تأثر ابن عاشور بالمدرسة الإصلاحية وبالمنار تحديداً، حتى إن لم يشر إليه. وإذا تصور الأمر على هذا النحو، فما مبرر التفريق بين الاتجاهين أو إفراد ابن عاشور بطريقة خاصة وتمييزه عن المدرسة الهدائية ؟!.

إن نظرة تحليلية مقارنة دقيقة لكلا الاتجاهين ورؤيتهما للتفسير ستثبت أن هناك انعطافاً دقيقاً ومهماً لجهة الهدف والغاية يشكل نقطة الافتراق والتمايز الجلى بينهما. وتتجلى آثار هذا الانعطاف على المستوى التطبيقى واضحة فيما يلحظه أى مقارن بين " التحرير والتنوير " و" المنار " مثلاً من تمايز واختلاف شاسع من حيث طريقة التفسير، وأسلوبه، وطبيعة الموضوعات المتناولة وغيرها كما سنرى لاحقاً.

وهذا التحليل الدقيق لنصى رشيد رضا وابن عاشور – المحددين غرض التفسير – سيوضح نقطة الاختلاف تلك:

فصاحب المنار يرى أن المفسر إنما يتخذ فهم مراد القول وحكمة التشريع وسيلة وطريقاً لجذب الأرواح وسوقها إلى العمل والهداية المودعة في الكلام..

بينما نجد أن ابن عاشور يعد غرض المفسر هو بيان مراد الله وتوضيح مقصده، باعتبار ذلك غاية برأسها، للمفسر أن يستعين لتحقيقها بكل ما يخدم المقاصد القرآنية ويبينها.

إذن، فالهدائيون إنما يتوخون حشد كل ما يستخلصونه من القرآن، من مقاصد وحكم وقواعد تشريعية في شتى المجالات، من أجل الاستفادة منها نهوضاً بالمجتمع الإسلامى من حالة السبات والتخلف التى يعيشها، ومعالجة لشئون الحياة كلها معيشية

أو مدنية أو سياسية. من هذا المبتغى يمكننا أن نفهم الانشغال المستمر والدائب للهدائيين في تفاسيرهم بالقضايا الواقعية التى تشغل حاضرهم، محاولين كشف الهدى القرآنى فيها، باعتبار القرآن دستور الأمة ومرشدها في شتى شئونها وقضاياها فقد " كانوا في تفاسيرهم واقعيين تطبيقيين، كما كانوا في واقعيتهم وتطبيقاتهم هدائيين مجددين" [المرجع السابق ، ص 311].

بينما نجد أن ابن عاشور يسلك الاتجاه المعاكس ويقصد غاية أخرى تتجلى في بيان المقاصد القرآنيه وتجليتها بتوظيف مختلف الأساليب والوسائل والعلوم ( من لغة وبلاغة، ونحو، وأصول فقه، وعمران، واجتماع، وسياسة.. ) في الكشف عن مختلف مستويات المقاصد وأنواعها ( كلية، جزئية، فردية أو جماعية أو عمرانية، تشريعية اعتقادية أو بيانية.. ). وهذا يفسر لنا ندرة إشارته إلى القضايا والمشكلات يعيشها المجتمع الإسلامى في عصره، بل قلما يذكر أو يتناول المسائل العلمية والقضايا المثيرة للجدل التى ظهرت مع الإصلاح والتجديد، وهذا ما سيؤخذ عليه فيما بعد قد يقول قائل: أليست المقاصد التى يتوخى ابن عاشور إظهارها وبيانها هى ما ذكره من هداية الأمة وإصلاحها فردياً وجماعياً وعمرانياً، فحاصل الاتجاهين – إذن – متفق في إظهار هداية الله للخلق وإصلاحهم في شتى مناحى حياتهم..

أقول: صحيح أن المقاصد – كما حددها ابن عاشور نفسه – لا تخرج عن هداية الأمة وإرشادها إلى حلول مشكلاتها، إلا أن ابن عاشور يقصر مهمة المفسر على تحديد مقاصد القرآن كما تتجلى في كلام الله تعالى، دون أن يتجاوز ذلك إلى النظر في المشكلات المعاصرة على ضوء الهدايات أو المقاصد القرآنية، فتلك قضية أخرى لا تدخل في التفسير كما يرى أو يراها ابن عاشور. في حين نجد الهدائيين يتجاوزون تحديد مقاصد القرآن وهداياته إلى محاولة تفعيلها وتطبيقها في واقع المسلمين عن طريق عرض مشكلاتهم الواقعية وقضاياهم المعاصرة، ومحاولة النظر في حلولها على ضوء ما يرونه مناسباً من مقاصد القرآن، وهديه، وكلياته التشريعية.

ويبدو أن نظرة ابن عاشور إلى وظيفة التفسير ودوره في الواقع كانت لا تزال تحمل كثيراً من الآثار التقليدية القديمة، وإن حاول أن يجدد على صعيد المحتوى والمضمون. وهكذا يظهر أن مدرسة الهدائيين كانت متقدمة على الاتجاه المقاصدي من هذه الزاوية، وإن لم تبلغ شأوه في تجليه مقاصد القرآن في مختلف مستوياتها وتفصيلاتها على النحو الذى ظهر في " التحرير والتنوير " وكما سنبين طرفاً منه فيما يأتي.

للبحث بقية...

المصدر موقع: الملتقى الفكري للإبداع

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين