الرضيع محمد صلى الله عليه وسلم .

 الرضيع محمد صلى الله عليه وسلم


الأستاذ : عبد العزيز عرب


التمس عبد المطلب لحفيده مرضعاً من البادية ،إذ كان العرب يؤثرون البادية لرضاعة أطفالهم ونشأتهم الأولى ،لما في هواء البادية من النقاء ،وفي أخلاق أهلها من السلامة والإعتدال .
وعُرض محمد بن عبد الله على جميع المرضعات فزهدنَ فيه ليتمه إذ كنَّ يرجون العطاء من والده
وعُرض على حليمة من بنى سعد فزهدت فيه،ولكنها عادت إليه لئلا تعود إلى ديارها دون رضيع،وكان أهلها في ضيق شديد ،وكان العام عام جدب وقحط ،فأخذته تسترزق من أهله .
فلما ذهبت به إلى رحلها واستكان إلى حجرها وثديها ،أغدق الله عليها النِعم ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 1- إذ كان لها طفل رضيع لا يشبع من لبنها فكان كثير البكاء فلما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم  ثديها درَّ عليها الحليب حتى رضع فشبع ثم أرضعت طفلها حتى روي فنام وما كانوا ينامون من بكائه .
2-قدمت إلى مكة بأتان عجفاء ضعيفة فكانت بطيئة منهكة ،فلما حملت رسول الله صلى الله عليه وسلم  على الأتان راجعة إلى ديارها دبت فيها القوة والنشاط حتى سبقت رفاقها  وعجزوا عن اللحاق بها.
3-عندما عادت حليمة برسول الله صلى الله عليه وسلم  إلى ديارها  القاحلة فإذا بالمنازل من حول خبائها عادت ممرعة خضراء ،وغدت أغنامها شباعاً ممتلئة باللبن حتى كانوا يحلبون ويشربون وما يحلب إنسان قطرة لبن . حتى قال لها قومها :لقد جئت يا حليمة بنسمة مباركة . سيرة ابن هشام (1- 162 ).
أمهاته من الرضاعة :
1- والدته آمنة بنت وهب .
2- ثويبة مولاة أبي لهب بلبن ابن لها يقال له مسروح .
3- حليمة السعدية .
إخوته من الرضاعة :
1- إخوته من حليمة السعدية :{ عبد الله بن الحارث – أنيسة بنت الحارث – جذامة بنت الحارث (الشيماء ) –أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب – حمزة بن عبد المطلب } .
2- إخوته من ثويبة :{ مسروح- أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي – حمزة بن عبد المطلب }.
الرحيق المختوم %.
تأملات :
1-رعاية الطفل رعاية سليمة :
يجب على المربي أن يكون حريصاً على تربية أولاده تربية صالحة حتى يؤدي واجبه وينال مرضاة ربه وينجو بنفسه وولده من عذاب أليم .ومن هنا نفهم قول الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ التحريم.
وقوله سبحانه: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) طه .
كما نفهم الحديث النبوي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :كلكم راع وكلكم مؤول عن رعيته،الأمير راع،والرجل على أهل بيته،والمرأة راعية على بيت زوجها وولده،فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .                                  البخاري – باب المسؤولية عن الرعية .
 وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب  يشكو إليه عقوق ابنه  ،فأحضر عمر الولد وأنَّبه على عقوقه لأبيه ونسيانه لحقوقه .فقال الولد :يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه ؟ قال :بلى .
قال فما هي يا أمير المؤمنين ؟ فقال :أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلِّمه الكتاب .قال :يا أمير المؤمنين إنَّ أبي لم يفعل شيئاً من ذلك،أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي ،وقد سماني جُعَلاً (خنفساء ) ،ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً .فالتفت عمر إلى الأب قائلاً له :جئت إليَّ تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقَّك ،وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك .
 فالطفل له حقوق عدة :
1-             حق التعلم من القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم ...
2-             حق الغذاء ليكون سليماً معافى .
3-             حق الرعاية الصحية حتى لا تفتك به الأمراض .
4-حق اللعب والترويح عن النفس ضمن المباح .
5- حق الرعاية الجنسية حتى لا يكون صيداً سهلاً للفساق .
6-حق غرس الأخلاق والفضائل ليغدو إنساناً فاضلاً صالحاً .
راجع كتابنا التربية الإسلامية لفلذة الأكباد .
2-بركة الصالحين :
1-نبع الماء من بين أصابعه :
عن جابر  قال : عطش الناس يوم الحديبية ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة فتوضأ منها ، ثم أقبل الناس نحوه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لكم ؟ قالوا يا رسول الله : ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا نشرب ، إلا ما في ركوتك ، قال : " فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة ، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون  . قال : فشربنا وتوضأنا فقلت لجابر  : كم كنتم يومئذ ؟ قال : لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة .                                
                                                    صحيح البخاري  - كتاب المغازي - باب غزوة الحديبية .   
2-كثرة الطعام يوم الخندق :
عن جابر  قال : إنا يوم الخندق نحفر ، فعرضت كدية شديدة ، فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : هذه كدية عرضت في الخندق ، فقال : أنا نازل  .
ثم قام وبطنه معصوب بحجر ، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقاً ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب ، فعاد كثيباً أهيل ، أو أهيم ، فقلت : يا رسول الله ، ائذن لي إلى البيت ، فقلت لامرأتي : رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ما كان في ذلك صبر ، فعندك شيء ؟
قالت : عندي شعير وعناق ، فذبحت العناق ، وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة ، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر ، والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج ، فقلت : طعيم لي ، فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان ، قال : كم هو ؟ فذكرت له ،
قال : كثير طيب ، قال : قل لها : لا تنزع البرمة ، ولا الخبز من التنور حتى آتي ،
فقال : قوموا ! فقام المهاجرون ، والأنصار ، فلما دخل على امرأته .
قال : ويحك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم ، قالت : هل سألك ؟ قلت : نعم ،
فقال : ادخلوا ولا تضاغطوا ،فجعل يكسر الخبز ، ويجعل عليه اللحم ، ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ، ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع ، فلم يزل يكسر الخبز ، ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية ، قال : كلي هذا وأهدي ، فإن الناس أصابتهم مجاعة .    صحيح البخاري  - كتاب المغازي - باب غزوة الخندق وهي الأحزاب .  
بهذا الخير أكرم الله الأمة برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ظهرت بركته منذ نعومة أظفاره،إشارة إلى مكانته وفضله عند ربه ،وإظهاراً لشأنه أنه غلام ليس كسائر الغلمان بل هو نبي مرسل رحمة وبركة ونوراً للعالمين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين