السوريون

عنوان يمثل حال السوريين اليوم . وهو عنوان لمسرحية قرأتها منذ أربعة عقود . للكاتبة البريطانية " درويس ليسنغ " درويس كاتبة يسارية كانت المرأة الحادية عشرة التي تحصل على جائزة نوبل . تقولون : يسارية أو شيوعية وتحصل على جائزة نوبل؟!!!!! وأفيدكم أنها حصلت على الجائزة لأنها استقالت من الحزب الشيوعي احتجاجا على سحق السوفييت لثورة المجر في خمسينات القرن الماضي !! هل رأيتم يساريا عربيا يحتج على سحق الروس والإيرانيين وبشار الأسد لثورة الشعب السوري. 

قرأت المسرحية ربما منذ أربعة عقود : في ذاكرتي منها حالة الفوضى الاجتماعية التي كان يعيشها جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية . الفوضى التي تمثلت في سلوك أم وصديقتها ثم في سلوك ابنها العائد من الجندية والذي يظل يتساءل عن جدوى الحرب والقتل أو عبثيتهما ..

اللامسئولية واللامبالاة التي تنتظم سلوك الأم ، ومحاولة الإمساك بشيء الذي يفرض نفسه على سلوك الابن . ومن خلال التصرفات اليومية العابرة في سلوك الثلاثي الأم والابن والصديقة تتبدى مظاهر " التيه " الذي هو العنوان الآخر للمسرحية التي تتحكم بسلوك جيل . 

دائما أتذكر عنوان هذه المسرحية حين أتابع حالة الفوضى التي تنتشر بين الناس , كثيرا ما يعجبني تشبيه حالنا بحال ركاب باص " الهوب هوب " الذي كان يتجه بنا من حلب إلى دمشق ..

يجمعنا صندوق الباص المعدني ، ونوافذه المعطلة غالبا . وأن الوجهة هي دمشق ولكن فينا الطالب الذي يقصد الجامعة ، والتاجر الذي يقصد التجارة ، والخاطب الذي يقصد الخطيبة " 

فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه . 

كان بعض الشراح يسمونه " مهاجر أم قيس " 

وكم من قيس وكم من أم لهم بين السوريين اليوم .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين