نصيحة للخريجين

للشيخ الدكتور محمود فجال

 

 أيها الأخ الخريج : إنني أتحدث إليك وأنت تأخذ وثيقة التخرج في الجامعة بعد أن عشت فيها أربعة أعوام ، وقد نهلت من معينها الصافي ، وينبوعها الفياض العذب الزلال علماً نافعاً .
أخي الخريج : أرسل إليك نصيحتي على سجيتي من غير ترتيب ولاتنسيق ولاتنظيم ، فلعلها تكون أنفع لك ، لأن مايخرج من القلب يدخل إلى القلب ، وأما ما انطلق من اللسان فلايجاوز الآذان .

أخي الخريج : أصغ لما أقول لك :
إنك تخرجت في الجامعة ولكنك لم تصل إلى نهاية المطاف ، وإن حياتك العلمية تبدأ بعد المرحلة الجامعية ، لإن المرحلة الجامعية هي مرحلة إعداد وتكوين ، والمرحلة التي بعدها هي مرحلة وعي وصقل ، فالجامعة قامت بمهمتها ، وسلمتك المفتاح ، ودربتك على فتح المقفل ، وعليك أنت أن تجيد استعماله ، لتفتح لك مغاليق العلوم وتنكشف لك مكنونات الفهوم
 وماعليك إلا مواصلة السير في هذا الطريق المعبد ، وأنت مزهو – دون كبر وعجب – بماحباك الله تعالى من توفيق وعلم مفيد .

فقد أمضيت أياماً طوالاً بين جنبات الجامعة مستفيداً من أساتذتها وعلمائها كل يوم فوائد جمة ، ونكات عظيمة .
وقد قالوا : اطلب العلم من المهد إلى اللحد
كماقالوا : من المحبرة إلى المقبرة .
 
وأذكرك بمايأتي :
 
•      حافظ على تلاوة جزء من القرآن الكريم على الأقل في كل يوم ، مع الفهم ، فالقرآن الكريم ظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، وهو مصدر العلوم قاطبة
•      أعد مذاكرة الكتب التي درستها ، وتلقيت شرحها من الأساتذة . فقد قالوا : أدم للعلم مذاكرته ، فحياة العلم مذاكرته .وكرر قراءتها بحيث تكون مستحضراً لها على الدوام
فقد قالوا : لأن تقرأ كتاباً واحداً مرتين خير لك من أن تقرأ كتابين
والتكرار عنصر هام ( أو مهم) في حياة طالب العلم فقد سألت الشيخ علياً الطنطاوي _ رحمه الله _ عن كتاب أقرأه لتتكون لي ملكة على التعبير ، والأسلوب الحسن _ وكان لي من العمر سبعة عشر سنة _ فقال : اقرأ كتاب النظرات لمصطفى المنفلوطي في ثلاثة أجزاء ثم أضاف قائلاً متحدثاً عن قراءته له : ولقد قرأته أكثر من ثلاثين مرة
•      اجمع زلزاءك ( أي أمرك ) وقسم يومك من ليل ونهار إلى أعمال علمية وخيرية تقوم بها لخدمة نفسك ومجتمعك .
وحاسب نفسك على الحفاظ على الوقت ، وتخلق بالأخلاق الفاضلة ، وتمسك بماجاء في الكتاب والسنة .
•      اعتن بالمطالعة ، واهتم بالكتاب واقتنائه ، فالتاجر مجده في كيسه ، والعالم مجده في كراريسه .
ارجع فيما غم عليك فهمه واستعجم لفظه ، إلى المعجمات اللغوية كالقاموس المحيط للفيروز آبادي
•      كن معلماً جاداً حازماً مع لين ، ممتثلاً لقول نبينا صلى الله عليه وسلم : لينوا لمن تُعلمون وتتعلمون منه ، وكن مربياً متواضعاً لقوله تعالى : ولكن كونوا ربانيين بماكنتم تعلمون الكتاب وبماكنتم تدرسون
•      اصطف لنفسك الصديق الصدوق الذي يذكرك إن نسيت ، ويعلمك إن جهلت ، ويرشدك إن غويت . قال الله تعالى : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولاتعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ، ولاتطع من أغلفنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا. وقال سبحانه وتعالى : الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين .
•      ادع الله – تعالى ذكره – بالخير لأساتذتك ولمن علمك ، ولمن سهل أمامك طريق العلم ، كماتدعو لوالديك ، فإن ذلك من بركة العلم .
•      أ- قل : تخرج في الجامعة . ولاتقل : تخرج من الجامعة لإنه يقال : خرجه في العلم بمعنى علمه ، والمتعلم : خريج وخِرّيج .
ب_ يقال : أمر هام ، وأمر مهم لإن هاماً اسم فاعل من الفعل الثلاثي ( همني الأمر ) و( مهماً ) اسم فاعل من الفعل الرباعي ، وكلا الفعلين وارد في كلام العرب
       ج: قل : المعجمات اللغوية ولاتقل القواميس

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين