عُقْدَة تركيا بالنسبة للغرب

تركيا جزء من أوروبا وتاريخها وحضارتها وجغرافيتها، فالقسطنطينية (اسطنبول) هي إحدى ثلاث عواصم كبري بجوار روما وأثينا شكلت تاريخ أوروبا وحضارتها.

وبرغم تحول القسطنطينية إلي اسطنبول، وبرغم سيطرة الامبراطورية العثمانية على أجزاء كبيرة من أوروبا ووصولها إلى قلب أوروبا وحصار فيينا مرتين . فقد ظلت أوروبا تنظر إلى تركيا العثمانية بصفتها بوابة الأمان لأوروبا الغربية وحاميتها من الخطر القادم من روسيا والشرق . فقد خاضت روسيا 13 حرباً ضد الدولة العثمانية خلال 300 عام.

ولذلك ؛ وبرغم ما بين الغرب والامبراطورية العثمانية من مشكلات، وبعد تآمر بريطانيا وفرنسا ضدها وهجومهما المشترك على الأسطول العثماني والمصري عام 1827 في معركة نوارين على الساحل الغربي لشبه جزيرة بيلوبونيز ، فقد اضطرت بريطانيا وفرنسا مجتمعتين إلى إرسال أساطيلهما لحماية الفسطنطينية من الغزو الروسي عام 1829.

وبعد دمار أوروبا في الحرب العالمية الثانية، تم إعادة إعمار معظم الدول الأوروبية بسواعد تركية، وظلت تلك السواعد حتى الآن تمثل جالية كبيرة منظمة فاعلة في دول أوروبية مهمة مثل ألمانيا والنمسا وهولندا .

ويلقي الضوء على تلك المفارقات والتناقضات في علاقة الغرب بتركيا، اعتبارها عضواً مهماً في المنظومة العسكرية الدفاعية الأوروبية في حلف الناتو، وغير مرحب بها في التكتل السياسي والاقتصادي الأوروبي المعروف بالاتحاد الأوروبي، أو قبول تركيا المسلمة في النادي المسيحي الغربي.!!

تركيا بالنسبة للغرب؛ ماضٍ يحمل تهديداً وجودياً، وحاضر فاعل إيجابي يستحيل تجاهله ، أو هي شوكة في الحلق مؤلمة في انتزاعها .. مؤلمة في ابتلاعها .. مؤلمة في بقائها.

وأفضل وضع يرضي الغربيين من الدولة التركية أن تكون (تحت السيطرة) أو (دولة الرجل المريض)، ففي موتها خطر .. وفي عافيتها خطر .!

وأفضل من يقود تركيا هو من يدرك تلك العُقَد والتناقضات، ويجيد التعامل معها.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين