المَعالم الكبرى لمَشروع نهضة الأمّة .!

قال الأستاذ حسن الدقي : ‏« توافرت للأمّة المُسلمة خلال العقدين الأخيرين ثلاث تجارب : 

1 ـ أفغانستان تجربة جهادية وحرب عصابات أذلت الناتو ..

2 ـ تركيا جمهورية تستعيد وزنها التاريخي والجيوسياسي ، وتتحرر من العلمانية والتبعية ، وتهرول من جديد للإسلام والحريّة ..

3. الثورة العربية وهي الأخطر على الطغاة بسبب عمقها البشري 400 مليون إنسان ، فهل حان الوقت للاقتراب من مشروع الأمّة على مستوى التصورات ؟! » .

أقول : ومهّد لذلك كلّه الصحوة الإسلاميّة ، التي عمّت مشرق العالم الإسلاميّ ومغربه ، وتصدّرت مشهد الجاليات المُسلمة في مختلف بلاد الغرب .. ولكنّ الأخطاء التي اكتنفتها ، والتآمر الضخم الذي استهدفها بمختلف الأساليب والوسائل أدّى إلى انحراف خطّها ، ثمّ تلاشي مدّها وانحساره ، لتعود الأمّة من جديد إلى المربّعات الأولى من العمل والبناء .. وأصبح كثير من أهل الغيرة والهمّ الإسلاميّ ، يتطلّعون إلى مشروع جامع ، يلتفّ حوله أبناء الأمّة لتحقيق النهضة المنشودة .. وهذه محاولة واجتهاد أقدّمه بين يدي أهل الاهتمام بالشأن العامّ من إخواني ، رجاء التسديد والنصح والإثراء ..

معالم لا بدّ منها لتحقيق نهضة الأمّة : 

1 ـ لا نهضة للأمّة إلاّ بهذا الدين ، بحقيقته الجامعة الشاملة ، فهو هُوّيّة وجودها ، وأسّ كيانها ، وملتقى قلوب أبنائها ، وصدق الخليفة المُلهم الراشد ، عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إذ يقول : « نحن قوم أعزّنا الله بالإسلام ، مهما ابتغينا العزّة بغيره أذلّنا الله » . 

2 ـ لا بدّ أن تنشأ النهضة وتترعرع في ظلّ التجديد لدين الله ، وفهم مقاصده ، بمفهوم الشرعيّ الصحيح ، بعيداً عن تَحْرِيفِ الغَالِينَ ، وَانتِحَالِ المُبطِلِينَ ، وَتَأْوِيلِ الجَاهِلِينَ . 

3 ـ حقيقة النهضة : إحياء الأصول وتجديدها ، وفهم المُستجدّات وتأصيلها ، وحسن الانتقاء من ثروة التراث ، واستلهام تجارِب السلف في جميع المجالات . 

4 ـ لا بدّ في النهضة من تجديد الأصول والثوابت وحسن عرضها ، وهو يختصر الطريق لتحقيقها . 

5 ـ ينبغي أن تقتبس النهضة من وسائل العصر وأساليبه وتقنيّاته ، بما لا يتعارض مع قيمها ومبادئها ، وأن تبدع في إضافة الجديد المفيد .

6 ـ النهضة الحقيقيّة تجمع الأمّة ولا تفرّقها ، وتؤلّفها ولا تنفّرها ، ولا تغرق الناس في فروع المسائل ، قبل إحكام أصولها . 

7 ـ النهضة تتّجه إلى البناء والعمل ، وتبتعد عن التنظير والجدل . 

8 ـ لا بدّ أن يشترك في النهضة كلّ القوى الفاعلة في المجتمع بكلّ تخصّصاتها . 

9 ـ النهضة مشروع أمّة ، لا طائفة أو فئة ، وليست برنامج حزب من الأحزاب . 

10 ـ مشروع النهضة لا بدّ أن يكون شاملاً للرجل والمرأة ، ولكيان الفرد الروحيّ والعقليّ والجسديّ ، كما يشمل احتياج المُجتمع على كلّ المستويات ..

11 ـ لا بدّ من اعتماد النهضة على برامج عمليّة ، تقوم على التدرّج في التربية والعمل ، وتبتعد عن الارتجال وردود الأفعال . 

12 ـ لا بدّ أن تقومَ النهضة على التوازن والاعتدال في تحقيق المَطالب ، ومراعاة الأولويّات في كلّ حركة ، وقد كانت سمة حياة الأمّة في مراحل تخلّفها أنّها كانت بعيدة عن التوازن في حياتها ، ممّا جَعلها تشتغل بنوافل من العمل عن واجبات مؤكّدة ، كانت سرّ تفوُّق عدوّها عليهَا . 

13 ـ لا يمكن للنهضة أن تتحقّق إلاّ إذا حمل همّها ولواءها ثلّة كريمة ، تكون على درجة عالية من الوعي والثقافة الإسلاميّة ، والإحاطة التامّة بالمُستجدّات والمُتغيّرات ، وتجتمع فيها أنواع التخصّصات ، وأهمّ ذلك الخبرة والتخطيط الاستراتيجيّ ، وأن يقوم عملها على الشورى في كلّ شأن .. 

هذه أهمّ المعالم والموازين التي يجب أن تتحقّق في مشروع النهضة ، وفيمن يتحدّث عنها ، ويحمل لواءها ، وإلاّ كان العمل دعوى فارغة تلتحق بأمثالها ، ومضيعة للوقت والجهد . والله وليّ التوفيق والسداد .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين