هل أنت وحدك الحزين المتعب المهموم؟

لستَ وحدكَ الحزين في هذا الكون؛ فالأرض تغصّ بالحزانى، ولو لم ترهم على صفحات وسائل التّواصل الاجتماعيّ يبثّون كروبهم وينشرون أحزانهم.

ولستَ وحدك المتعب؛ فكثيرون ممن تراهم ضاحكين وتحسبهم مرتاحين يحملون في دواخلهم متاعبًا تنوء من حملها الجبال الرّاسيات؛ فلا تحسب أنّك أكبر المتعَبين في واقعٍ مرتاح.

ولست وحدك المهموم؛ لمجرّد رؤيتك لمظاهر البهجة من حولك؛ فكثير من هؤلاء المبتهجين يفرّون من شماتة الهمّ حينّا ومن ثقل الأيام حينًا آخر إلى البهجة المصطنعة؛ فلا تكثر لومهم ولا شتم هذا العالم الذي لا يحسّ بالمهمومين.

لو انكشفت الأستار من حولك لأذهلتك آلام من ظننتهم لم يعرفوا ألمًا.

ولو ارتفعت لك الحجب لأستصغرتَ أحزانك في جنب أحزان كثيرين ممن تراهم ضاحكين مسرورين من حولك.

ولو قْيِّض لك الاطّلاع على هموم ومتاعب النّاس من حولك؛ لاستحييتَ من التوجّع والشّكوى والحديث الدّائم عن التّعب والضّنك

إنّ استحضار أوجاع الآخرين وأحزانهم وكثرة همومهم ومتاعبهم، ويقينْك بأنّك لست الأوحد في التّعب والألم والحزن؛ يخفّف عنك ما أنت فيه، ويهوّن عليك الكثير ممّا يعتلج في داخلك.

وهذا ما عبّرت عنه تماضر الخنساء بجلاء حين قالت:

ولَوْلا كَثرَة ُ الباكينَ حَوْلي=على اخوانهمْ لقتلتُ نفسي

وما يَبكونَ مثلَ أخي ولكِنْ=اعزّي النَّفسَ عنهُ بالتَّأسي

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين