الطعن في أخلاق المتدينين

قبل أن ترسّخ في نفسك تلك الصورة القبيحة عن "أخلاق المتدينين" السيئة كن منصفًا وتذكر أنهم لم يُعرّفوا أنفسهم بهذا الاسم "المتدينون"، بل كنت أنت من أعطيتهم إياه دون أن يطالبوك بذلك، أما هم فقصارى ما فعلوه أنهم عرّفوا أنفسهم بأسمائهم فحسب كما تفعل أنت، لم يعرّف أحدهم نفسه بأنه ملاك لا يعصي، ولا بأنه مزيج من تسبيح وصلاة ونقاء. هو في النهاية إنسان مثلك تماما!

قبل أن تعطيهم تلك الوصمة التي باتت مبتذلة جدا في الأوساط البعيدة عن الدين تذكر أنك تقع في مثل ما يقعون فيه وأقبح أحيانا، فأنت قد تكذب وتخدع وتزل وتتشهّى الحرام وتفجُر في القول والفعل وتتمادى في الغضب والاستكبار والطمع والاستغلال وغيرها من آفات الدنيا التي تمسّ الجميع بدرجات مختلفة.. ولكنك لا تحاسب نفسك على ذلك كله، ولا تضع نفسك في أيّ خانة ولا تعطيها وصمة عار كالتي ترسّخها في قلبك تجاه المتديّنين لأدنى زلة! وكذلك تفعل حين ترى الكثير من الأخلاق السيئة والتصرفات الخبيثة من بعض من يوصفون بأنهم غير متدينين أو ملاحدة، فأنت تتجاوزها تماما ولا تكاد تنتبه إليها يا حارس الأخلاق ومحامي الفضيلة!

أول ما عليك فعله: أن تنزع هذه النظارة الزائفة عن وجهك، وأن تنظر لجميع البشر بمنظار واحد. ثم تفهم أنهم مخلوقون مثلك بدوافع وشهوات، وأن ما جعل بعضهم عندك بوصف معين (المتديّنون) هو أنهم يمارسون صلوات وشعائر في حياتهم الخاصة يستعينون بها على تذكر الله والآخرة كمحاولة ليكونوا أكثر ضبطا لنفوسهم الشهوانية في خضم هذا العالم المليء بالآثام.

وتذكر أنك أنت الذي قررتَ تحويل زلة "المتديّن" إلى "وصمة"، والتغافل عن "آثام" غيره، فالمشكلة تكمن فيك لا في من تصفه بأنه متديّن!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين