لا تقصص رؤياك لجاهل أو مجهول!

قصّ الرؤيا على الناس عامة مخالف لهدي القرآن والسنة، سواء كانت فيما نحبّ أو فيما نكره، فأما فيما نكره فالنهي فيها عام، ولعل من حكمة ذلك ألا نمكّن الشيطان من التنكيد علينا، بتحزيننا، كما جاء في الحديث المتفق عليه عن أنواع الرؤى: "رؤيا تحزين من الشيطان" فهي كالنجوى أثرا ومقصودا ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

غير أن الذي يغيب عن كثير من الطيبين أنه لا يندب أيضا حتى في قصّ الرؤيا الطيبة، كما في الآثار النبوية إلا لوادٍّ ناصح أو عالم ذي رأي.

وفي هذا كانت نصيحة الكريم للكريم: "يا بنى لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للانسان عدو مبين"

فالتوسّع في قصّ الرؤيا يوقعها بين يدي خصم كائد، أو عدو حاسد، أو كاره متحامل يقرأها بسخرية واستهزاء يحزن به الذين آمنوا، ويحوّل مقصود تعبيرها لضده، وكم من رؤيا ذكرها عبدالله عزام في كتابه آيات الرحمن في جهاد الأفغان، وكم من رؤيا قـصّت عن بعض الدعاة هنا وهناك، وكم من رؤيا قصّها أخيار طيّبون في رابعة، ونحن لا نشك بصلاحهم ولا نزكّيهم على الله، لكن رؤاهم تحوّلت لمادة تندّر لدى الشانئين، ولو علم القاصّون أنهم أضرّوا لفكرتهم بقصّها أضعاف ما نفعوا لتردّدوا كثيرا فيما توسّعوا فيه رغبة بإضفاء أجواء من التبشير والأمل والإيجابية.. 

التبشير مقصد دعوي حميد، لكنه التبشير الحكيم، يبذل لأهل الصلاح ولا يتوسّع ببعض خطراته خارج هذا المحيط لكي لا يحولها شيطان من شياطين الإنس أو الجنّ إلى سخرية يحزن بها الذين آمنوا فيحبط فألهم ويزهق بشرهم!

أتفهّم ما ينقله ابن الرئيس مرسي -رحمه الله وتقبّله في الشهداء- مما يسميه مبشرات، وأغتبط بها شخصيا، ولكنني لست مع التوسع في تناقلها وتحليلها لذات المقصود الذي منعت الشريعة فيه التوسّع بقصّ الرؤيا.

والله أعلم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين