العرب نسباً ولساناً وداراً

"اسم العرب في الأصل كان اسما لقوم جمعوا ثلاثة أوصاف:

أحدها: أن لسانهم كان باللغة العربية.

الثاني: أنهم كانوا من أولاد العرب.

الثالث: أن مساكنهم كانت أرض العرب وهي: جزيرة العرب، التي هي من بحر القلزم إلى بحر البصرة، ومن أقصى حجر باليمن إلى أوائل الشام، بحيث كانت تدخل اليمن في دارهم ولا تدخل فيها الشام، وفي هذه الأرض كانت العرب، حين المبعث وقبله.

فلما جاء الإسلام وفتحت الأمصار سكنوا سائر البلاد، من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، وإلى سواحل الشام وأرمينية وهذه كانت مساكن فارس والروم والبربر، وغيرهم.

فهذه البقاع انقسمت: إلى ما هو عربي ابتداء، وإلى ما هو عربي انتقالا، وإلى ما هو عجمي.

* وكذلك الأنساب ثلاثة أقسام:

قوم من نسل العرب، وهم باقون على العربية لسانا ودارا، أو لسانا لا دارا، أو دارا لا لساناً.

وقوم من نسل العرب، بل من نسل بني هاشم، صارت العجمية لسانهم ودارهم، أو أحدهما.

وقوم مجهولو الأصل، لا يدرى: أمن نسل العرب هم، أم من نسل العجم؟ وهم أكثر الناس اليوم، سواء كانوا عرب الدار واللسان، أو عجما في أحدهما.

* وكذلك انقسموا في اللسان ثلاثة أقسام:

قوم يتكلمون بالعربية لفظا ونغمة.

وقوم يتكلمون بها لفظا لا نغمة، وهم المتعربون الذين ما تعلموا اللغة ابتداء من العرب، وإنما اعتادوا غيرها، ثم تعلموها، كغالب أهل العلم، ممن تعلم العربية.

وقوم لا يتكلمون بها إلا قليلا.

وهذان القسمان منهم من تغلب عليه العربية، ومنهم من تغلب عليه العجمية، ومنهم من قد يتكافأ في حقه الأمران: إما قدرة، وإما عادة.

فإذا كانت العربية قد انقسمت: نسبا ولسانا ودارا؛ فإن الأحكام تختلف باختلاف هذه الأقسام خصوصا النسب واللسان".

الإمام أبوالعباس #ابن_تيمية 

اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1: 454)

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين