المناشدات العشر الثامنة إلى إمامنا في العشاء والتراويح

فيما يتعلق بقيام العشر الأخير ومنثورات أخرى

١- لا تشبع على مائدة الإفطار، وستلحظ إيجابيات هذا في الصلاة، في الوقت الذي لا ينبغي أن تكون جائعا، لذلك خذ من اللقيمات ما تقيم صلبك، من طيبات ما رزقك الله، على أن تبقى في كامل الحيوية والنشاط، لا أن تسقط في البدنة، التي تذهب الفطنة، وتثقل عليك صلاتك وتنعكس سلبا عليك وعلى المأمومين.

٢- أيها الإمام، يسّر مكانا ستورا مناسبا لجماعة الإناث، ولا ترغّب فيه ولا ترهّب عنه، بل كتب الفقه هي الفيصل في المسألة لمن سعى للانضباط والالتزام بقواعد الشرع الحنيف.

فعجيب أمر بعضنا، حين يستنكر حضور المرأة صلاة الجماعة في المكان المخصص للنساء، وتجد عنده تساهل حين تمضي تلك المرأة إلى أسواق العيد، وشراء ملابس الصغار والكبار.

لن أتكلم عن الحكم الفقهي للمسألة، وخيرية صلاة المرأة في بيتها، وعدم منع المرأة من بيوت الله، وضوابط الخروج، إذ هو موضوع أُشبع بحثًا، غير أني مستغرب من اختلاف الموقف، ومستنكر للشدة هنا وللين هناك من البعض.

٣- لكي تكون سببا في عدم ضياع الأيام الثلاثة الأخيرة من رمضان بعد ليلة السابع والعشرين، أنصح بالتالي: 

- عدم الاستعجال بالختم القرآني حتى آخر ليلة من رمضان.

- عدم إنهاء المسابقات الرمضانية أيضا.

- عدم المبالغة في التعبد في هذه الليلة بحيث يفتر العامة بعدها فيفوتون ما تبقى من رمضان ومنها ليلة التاسع والعشرين الوترية..

بالطبع سنضاعف الجهد في التحري لليلة القدر في السابع والعشرين ولكن لن نستعجل عيد الفطر ونفوت ما تبقى.

- تكون تهنئة العيد في العيد لا في رمضان.

- نتعلم أحكام الفطر والعيد في آخر رمضان - قدر المستطاع - حتى لا ينصب الاهتمام إلى العيد، فيستعجله الناس ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.

٤- أحيانا يحب العامة منك أن تعطيهم برنامجا في مثل ليلة السابع والعشرين من رمضان، يلتزمون فيه حتى مطلع الفجر، فلا تتوانَ في هذا، ظنا منك أنك تتركهم يتخيرون من ألوان العبادات ما يشاؤون، إذ من يحتاج لبرنامجك سيلتزم به، ومن لا فلا.

وأنت امضِ معهم ببرنامج منضبط، مؤقت، مرقّم، ينظمون أمورهم وحوائجهم من خلاله.

٥- لايعني أن ينشغل الحريص على الخير، ومن يأمر بالمعروف، عن صلاته ودعائه وابتهاله، بمجيء الناس وكم عددهم، ومن حضر؟ ومن غاب؟.

أبدًا - أخي وإمامي - بل أنت ذكّر بالخير، ثم دعك منهم، ولا تشغل الحضور بمن غاب، ولا تؤنب الحضور على غياب من غاب.

٦- أي إمامنا 

لسان حال القائم فينا يقول: لي دعوة بيني وبين ربي لن أبوحها إلا له جل وعلا، وأريد أن أدعوه بها في حال (أقرب مَا يَكونُ العبْدُ مِن ربِّهِ وَهَو ساجدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعاءَ)، ولن يغنيني دعاؤك في القنوت ولا في القراءة عنها.

أنا ملزم باتباعك في الصلاة غير أني أريد لحظات أخرى في السجود، بحيث لا أرفع رأسي منه إلا وقد قضيت نهمتي من الدعاء إذ الحبيب الشفيع صلى الله عليه وسلم قال:( فأكثروا الدعاء )رواه مسلم.

٧- اقرأ في صلاتك وتهجدك آية فيها سجدة تلاوة

- ولو لمرة واحدة - لتسجد ونسجد معك، فسجدة التلاوة تعلّم التفاعل مع الآيات، والمسارعة في امتثال أمر الله تعالى مباشرة، وهي عبادة تنقلك من كلام الله سبحانه إلى أن تخرّ له ساجدا ثم تعود لتتم قراءتك.

وبالطبع سيتساءل المصلون عما يتعلق بسجدة التلاوة، وهي فرصة لتعليمهم من خلال السؤال والجواب.

٨- حبذا لو تطلع على تجارب الآخرين الناجحة في موضوع الإمامة وصلاة القيام في جماعة المسجد، من خلال أئمة البلد الذي أنت فيه، وكذلك تُمضي بعض الجولات في مساجد العالم الإسلامي - من خلال وسائل التواصل - بدءا من المساجد التي لاتشد الرحال إلا إليها، ثم إلى غيرها في العواصم والمدن الكبرى.

٩- لا تشعرن أن المناشدات خاصة بك وبإخوانك من الأئمة فحسب، بل هي تخاطب المجتمع كله، فعدد من المناشدات تجد الخطاب فيها للإمام وأعني بها المأمومين معه.

ولا تظنن أن هذه المناشدات خاصة برمضان، بل هي لفريضة الصلاة في جماعة المسلمين في المسجد، ولكن هذا الشهر كان فاتحة لها، ولذلك ينبغي أن تنعكس على مدار العام كله. 

وهي مناشدات حديثة جديدة، بأسلوبها، وصياغتها، واستهدافها للإمام بهذا التركيز، مستوحاة من الواقع، ليس إلا ذلك.

١٠- أعلمُ أنك ترى عدم القنوت في الفجر، ولكنك أنت الإمام الذي سيسع الآخرين، إذ غيرك من المقتدين يفكرون جادّين بصلاة الفجر في دورهم دون المسجد لأجل أن يقنتوا، وحين يصلون معك يتأخرون عن متابعتك ليقنتوا أو لينالوا شيئا من القنوت، وهؤلاء من عامة الناس الذين يعسر عليهم التغيير، ولاتجد عندهم المرونة، فهلّا قنتّ مرة دون مرة، فالسنة ترك الأفضل والعمل بالمفضول لمصلحة أكبر، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأمنا عائشة: ( لولا حَداثة عهدِ قومِك بالكفر لنقضتُ الكعبةَ، ثم لَبَنَيْتُها على أساس إبراهيم).

قال الحافظ في الفتح: ويستفاد من هذا الحديث ترك المصلحة لأمن الوقوع في المفسدة ، ومنه ترك إنكار المنكر خشية الوقوع في أنكر منه ، وأن الإمام يسوس رعيته بما فيه إصلاحهم ولو كان مفضولا ما لم يكن محرما..

وبكل الأحوال فالأمة في نوازل، فانوِ هذا القنوت لأجل أن يرفع الله عنا النوازل والبلايا، إذ الأمة إن لم تكن في نازلة هذه الأيام فمتى تكون ؟.

والكلام نفسه لو أنك ترى قنوت الفجر في جمع من القوم لا يرون سنيته، فدعه - ما استطعت - ولاتثريب عليك. 

وفي ختام المناشدات الثمانين الرمضانية أوجه - بطاقة شكر - للسادة الأئمة فأقول: شكرا

لكل إمام صبر على مناشدات اكتظّ جواله منها.

لكل إمام تجاهل الناس أنه بشر يصيبه ما يصيبهم من وهنٍ وتعبٍ وفتور.

كل إمام بُحّ صوته، وتعرق جبينه، وهو في محرابه.

لكل إمام تحمّل تدخّل الآخرين في شأنه، وأنصت لأنصاف المتعلمين وهم يخلطون في كلامهم الغث بالسمين.

لكل إمام جاهد من يعشق القيل والقال، وكثرة المقال.

لكل إمام غاب عن زوجه وأولاده عند الغروب للمغرب، وفي الليل للقيام، وفي الفجر لصلاة الفجر، حتى تخرقت أذناه من سماع كثرة اللوم منهن.

لكل إمام صلى بالناس وهو يرى أنه أقلهم شأنا، وأكثرهم تقصيرا.

لكل إمام سيرسم البهجة والفرحة والسرور في وجوه المصلين في العيد، متجاوزا آلامه وأحزانه وأتراحه لأجل عيد المسلمين. 

لكل إمام قائم على إبراز الشعائر الدينية ولا يرتضي إلا تعظيمها والقيام بها على أكمل وجه.

اللهم اغفر للمؤذنين وأرشد الأئمة.. واجزهم عنا خير الجزاء، وضاعف لهم الثواب، وآتهم خيري الدنيا والآخرة يا منان.

وأتوجه بالشكر الجزيل لرابطة العلماء السوريين، تلك المنصة الطيبة القيمة التي فتحت المجال لنشر تلك المناشدات على مواقعها الرسمية.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين