المناشدات العشر الرابعة إلى إمامنا في العشاء والتراويح

 

فيما يتعلق بعلاقة الإمام مع القائمين على المسجد:

١- احذر من أن تقوى شوكة القائمين على المسجد من دون ضوابط، فتؤثر على صلاتك ودعوتك، بل لا يسعهم إلا أن يدركوا فضلك، ويقدّروا علمك، ويقفوا عند حدودهم التي لاتتعدى الحدود الخدمية والتنظيمية والإدارية، ولذلك خص نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم الإمام بدعوة دون سواه فقال: ( ..اللهم اغفر للمؤذنين، وأرشد الأئمة ).

٢- لاتعالج مسائل المسجد الجزئية على الملأ أمام العامة، بل اكتفِ فيها بمجلس خاص مع القائمين على المسجد، وروّاده، لتخرج بعدها إلى العامة بيد واحدة متماسكة.

٣- نسّق مع القائمين على المسجد واعمل على أن تربي فيهم عقيدة ( وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا).

إذ كثير منهم تختلط معه الأفهام، وتلتبس عليه الحقائق، ويعتقد نفسه الآمر الناهي في بيت الله تعالى لما قدّم من إحسان فيه، ظنا منه أنه على الحق وأنه يحسن صنعا.

٤- كسب قلوب الناس أمر مطلوب منك ووسيلة مهمة لك لتحقيق الغاية العظمى، وهي إرضاء الله سبحانه وتعالى، ومالا يُدرك كله لا يُترك جله، فسدِّد وقارِب، عسى أن تصل في النهاية لكسب قلوب الجميع فإن لم تصل فأمر طبيعي.

٥- عامل الناس على حسن نواياهم، فأحيانا يلومونك على عدم الحديث عن كذا، ويتصورون أنك مقصر في عدم الحديث عن أمر ما هو ضروري في أذهانهم.

هذا منهم حرص واهتمام، ورغبة في الخير وتفاعل معه، فعِدْهم خيرا، قدر مستطاعك، ولو أن لك رؤية أخرى في التقديم والتأخير، وترك الحديث عن موضوعهم لحكمة ارتأيتها.

٦- احذر من أصحاب الأصوات العالية الذين يحبون أن يفرضوا آراءهم في المسجد، وعاملهم باللين تارة، وبالتجنب تارة أخرى، واستعذ بالله من فتنة على يد أولئك تفتك بالمصلين، وتفرق شملهم.

٧- دعني أقول للَجنة المسجد الداعمين له:

هل تعلم - أيها السخيّ الكريم - أن المال والوقت الذي تنفقه على المسجد، لايخولك لأن تنال من خلاله أيّ حظّ من الحظوظ المتعلقة بالمسجد، فلا تستوطن مكانا تواظب على الجلوس فيه بحيث لو سبقك إليه أحد أقمته، أو ترفع صوتك لتفرض رأيك على جماعة المسلمين في المسجد، أو تستردّ يوما ما، ما أوقفته لهذا المسجد.

٨- ليكن توجهنا في المساجد إلى المصلين، وتقديم الخدمات لهم، مما يساهم في خشوعهم، لا أن نتوجه إلى ما يلفت الأنظار، ويشتت الأذهان، ولايزيد الصلاة خشوعا، ولا الشباب هداية.

٩- ما أروع تلك المثالية التي ينبغي أن نجدها في مجتمعاتنا ومساجدنا ومدارسنا بحيث يلقى الإمام والمدرس.. تعويضه المالي مقابل حبسه لوقته، وتعطيله عن أعماله، بهيئة راقية وصورة موقرة، فيأتيه ما يكفيه ويزيد، من حسنة الحياة الدنيا، بظرف أبيض ناصع مفعم بكلمات التوقير والتعظيم والاحترام والإجلال، وكأن لسان حال القوم يقول: معذرة سيدي، هلّا قبلت هذا التعويض المادي، الذي لا يليق بحقك إلا أضعافه، فتشركنا معك في الخير والأجر؟

هلا امتننت علينا بأن تضيفه إلى رصيدك، فإن استعنت به نلنا عظيم الأجر معك في الخير الذي تقدمه للأمة؟

ولعلي جانبت الواقعية المريرة، واسترسلت في الأحلام الوردية، غير أن المجتمعات الراقية والجهات الرسمية تدرك دور هذه الفئة الخيرية فتحترم نفسها بهذه الطريقة.

لا تقف - عالمنا الموقر - عند هذه الجزئية كثيرا، إذ لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووه، وبحاجة إلى مزيد من الوقت والجهد، والتوعية والإصلاح إلى أن نصل إلى ما نرنو إليه.

أزِل من ذهنك ما قرأت، وامض ضمن الخطوات الواقعية العملية، لتتكيّف مع الظروف الراهنة، وتسد الثغرة التي في عنقك منوطة، ولعل جيل التمكين يحظى فيه أرباب العلم بما يستحقون من توقير ودعم وإغناء عن الناس.

١٠- إضمار الحاجة، والتعفف، حتى يحسب الآخرون أنك غني عنهم، هو رقيّ وقوّة وعزّة.

بل وجهنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الزهد فيما في أيدي الناس، ( .. وازهد فيما عند الناس يحبك الناس )رواه ابن ماجه.

ومما لابد منه لأجل استمرارية إقامة الشعائر الدينية من قبول التعويض المادي، مقابل حبس الوقت.

ولذلك أنصح بمجاهدة النفس على التعفف قدر المستطاع وليكن كما قال تعالى: ( من كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ).

ويكون هذا التعفف بالعلاقة الودية مع لجنة المسجد الداعمة، من دون تكلف أو تزلّف أو استعطاف، بل بتبادل التوقير والاحترام، وعدم تجاوز الحد من كلا الطرفين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين