ضياع البوصلة يُضيع المهتدين بها من الفرد إلى الأمّة

ضياع البوصلة ، يُضيع المهتدين بها ، من الفرد إلى الأمّة !

البوصلة المعروفة ، هي الأداة ، التي تحدّد الجهات : المكانية المادّية!

وضياع الجهات المكانية المادّية ، يعني ، بالضرورة ، ضياع الأهداف المكانية المادّية !

أمّا البوصلة المعنوية الفكرية ، فهي التي تحدّد الأ هداف المعنوية الفكرية ! وهذه ليست آلة مادّية ؛ بل هي عقول الحكماء ، وذوي الخبرة ، من البشر!

والهدف : قديكون فردياً ، يخصّ فرداً ، أو أسرة !

وقد يكون الهدف جماعياً ، يشمل قبيلة ، أو حزباً ، أو مؤسّسة ، أو دولة !

وضياع البوصلة أخطر، بكثير، من ضياع الهدف ؛ فضياع الهدف يظلّ مؤقّتاً ، محصوراً في إطار محدّد ، ويمكن إيجاده ، بوجود البوصلة ! أمّا ضياع البوصلة ، فيشكّل كارثة حقيقية ،على المستويين المادّي والمعنوي!

وكلّما اتّسعت دائرة المتأثرين بالهدف ، اتّسع الخطر، بضياعه :

فضياع الهدف الفردي ، يضيع فرداً ، أو أسرة !

وضياع الهدف الجماعي ، يضيع حزباً ، أو قبيلة ، أو مؤسّسة ، أو دولة !

وأسباب ضياع البوصلة ، متنوّعة .. كما أن أسباب ضياع الهدف، متنوّعة ..

منها : ضعف الخبرة ، لدى الدليل ، أو القائد ، أو الرائد !

ومنها : الحماقة ، أو البلادة ، أو البلاهة .. لدى الدليل ، أو القائد ، أو الرائد !

ومنها الفساد الخلقي ، لدى الدليل ، أو القائد ، أو الرائد ! والفساد الخلقي يشمل أموراً ، عدّة: منها التضحية بجماعة ، أو حزب ، أو قبيلة ، أو شعب ؛ لتحقيق مكاسب شخصية ، يجنيها الدليل ، أو القائد ، أو الرائد .. من جهة ما ، عدوّة ، أو منافسة !

ومن أسباب ضياع البوصلة : كثرة البوصلات ، لدى أناس متنافسين ، كلّ منهم يدّعي ، أن بوصلته ، هي ، وحدها ، الصحيحة !

والفروق كبيرة ، بين كثرة الآراء ، لدى الأفراد ، في مجموعة ما .. وبين كثرة البوصلات ، وكثرة الاهداف !

وسبحان مَن جعل النور واحداً ، والظلمات متعدّدة !

(الحمدُ لله الذي خلقَ السماواتِ والأرضَ وجعلَ الظلمات والنور ثمّ الذين كفروا بربّهم يعدلون).

وصلّى الله على نبيّه ، الذي خطّ للهدى خطّاً واحداً ، وللضلال خطوطاً كثيرة ، وحسم أمر الاجتهاد والقيادة والريادة ، فجعل ذلك ، كلّه ، خاصّاً ، بذوي الأهلية والكفاءة ، وجعل تولية الأكفياء أمانة ، وتولية مَن دونهم ، في الأهلية والكفاءة ، خيانة : لله ورسوله والمؤمنين !

والشاعر يقول :

تُهدَى الأمورُ ، بأهل الرأي ، ماصلَحتْ = فإنْ تولّت ، فبالأشرار تَنقادُ !

والمسؤول الأوّل ، في كلّ مجموعة بشرية ، من مستوى أسرة ، إلى مستوى دولة .. هو المخوّل الأوّل ، في معرفة مَن عنده من الرجال ، الذين يصلحون للقيادة والريادة .. وفي تولية كلّ منهم، في المكان المناسب له ! وإلاّ انطبق عليه قولُ المتنبّي :

وما انتفاعُ أخي الدنيا ، بناظرهِ = إذا استوتْ ، عندَه ، الأنوارُ والظُلَمُ ؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين