دروس وعبر من غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم في واقعنا المعاصر

كَرَماً .. أعطوا المقالةَ بعضَ الوقت وإن طالت !!! لعلّنا نجد فيها تفسيراً لما وصلْنا إليه

تعالوا معنا إخوتي الكرام لنلقي الضوء على غزوات الرسول صلى الله عليه وسلّم .. ونستخلص منها دروساً قد تكون مراجعاً للمسلمين في زماننا المعاصر يستقون منها المعيار الحقيقي لدخول الحرب ضدَّ أعداء الإسلام ( وما أقصده هنا هو مبادرةُ المسلمين للحرب ، ولا أقصد الحروب التي أُرغموا عليها ) مع العلم أننا يمكن الاستئناس بهذه الدروس في تفادي الحروب التي تُفْرَضُ عليهم بالحكمة والرشد ( كالحرب التي فُرِضَت على الصحابةِ في غزوةِ الخندق )

غزوةُ بدر :

كان عدد المقاتلين الكفّار ١٠٤٠ مقاتل بعتادهم وخيولهم ... وكان عدد المجاهدين المسلمين ٣١٤ مجاهد بسيوفهم وبعض الدروع والرماح والخيول. 

كانت الحالةُ النفسيٌة للمقاتلين الكفار مُهتزّةً ويعتري رجالها رهبةٌ من القتال لبعدهم عن ديارهم وخوفهم من رسول الله صلى الله وعليه وسلّم ( من خلال معرفتهم بصدق دعوى النبوّه وجحودهم لها ) ( ومن خلال تضارب المشاعر في داخلهم اتجاه من سيقاتلونهم فهم من قريش وتجمعهم بهم قرابات النسب والجذور المشتركه )

كانت الحالةُ الإيمانيّةُ لدى المجاهدين المسلمين في أعلى مراتبها .. فهم أخيارُ صحابةِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم ... وكانت الجاهزيّةُ النفسيّةُ لديهم حاضرةٌ بأعلى صورها لإلتزامهم الوثيق بتعاليم والإسلام وغضبهم الشديد لله ... ونقمتهم على قريش التي ظلمتهم ... ويقينهم بأنهم خلف قيادةٍ نبويّةٍ حكيمه 

إذا أردنا أن نفهم الدرس من هذه الغزوه علينا أن نستحضر المعيار الإلٰهي لقوّةِ المسلمين والنسبة المسموحةِ لهذه القوّه في خوضهم الحروب مقارنةً مع قوّةِ أعدائهم من خلال الآيات الكريمه

{ وإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا ألفا } ( الأنفال ).... أي أن النسبه مائه إلى ألف .. وتساوي العُشر.

{ وإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ... }أي أنَّ النسبه عشرون إلى إلى مئتين .. وتساوي العُشر. 

{ وإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ... } أي أن النسبه مائه إلى مائتين .. وتساوي النصف. 

{ وإن يكن منكم ألفاً يغلبوا ألفين ... } أي أن النسبه ألف إلى ألفين ... وتساوي النصف. 

بمعنى أن خوض الحرب ضد الكفار يجب أن تكون فيه نسبة اختلاف القوّة بين المسلمين وأعدائهم تتراوح بين العُشر كحد أدنى والنصف .. وبداهةً عندما تكون فوق النصف فهي في مصلحةِ المسلمين. 

وهذا ينسحب على كل عناصر القوّة الماديّه من عتاد وأعداد ووسائل وخطط وإمكانيات وتحالفاتٍ استراتيجيّه !!! أما الجانب الإيماني والسلوكي والأخلاقي والتوكّل على الله فيجب أن يكون في أعلى مراتبه. 

وفقَ هذا المعيار انتصر المسلمون في بدر ...حتى لو كانت الآيات لم تنزل بعد ... فسُنن الله نافذه والتعاليم هي لتوضيح هذه السُنن.

في غزوةِ أحد ... خالفَ الرماةُ أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وارتكبوا خطأً تكتيكياً في الحرب فهُزِم المسلمون ... علماً أن الرماة لم يسرقوا ولم يظلموا بل فرحوا بالغنائم فتجاوزوا أمر الرسول فعاقب الله المسلمين كافّةً بالهزيمه بسبب خطأ المخالفةِ لأمر الرسول صلى الله عليه وسلّم.

في غزوةِ الخندق ( الأحزاب ) ... فاقت النسبةُ في الأعداد والقوّةِ بين المسلمين والكفار الحدّ الذي وعد الله به بالنصر للمخلصين ..وكانت لصالح الكفّار .... فكان تعداد قريش يتجاوز العشرة آلاف !!! وعتادهم كامل والمسلمون لا يتعدّون المئات ... فما خاطر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين وبحث عن المخرج فأسعفه الله برأيٍ من سلمان الفارسي بحفر الخندق ... فكفى الله المسلمين شرّ القتال ... علما أنّ الصحابةَ كانوا على استعداد لأن يخوضوا الحرب ويبذلوا دماءهم ... ولكن رسول الله لم يخاطر بالمسلمين ولا بعائلاتهم من ورائهم وأخذ بالأسباب وانتظر أمر الله.

في غزوة حنين ... كانت النسبة العدديّةُ والقوّةُ في صالح المسلمين بفارقٍ كبير ... ولكن المسلمين أخذهم العُجب بكثرتهم فتسرّعتْ بعض الفصائل في خوض الحرب .. وبعضها ضعُف مع ضعف الإيمان الذي أدركناه من غضب الرسول صلى الله عليه وسلّم قبل بدء الغزوه عندما طلب البعضُ من الرسول صلى الله عليه وسلّم أن يجعل لهم شجرةً يُعلّقون عليها أسلحتهم كالشجرةِ التي جعلها المشركون تبرّكاً واسمها ذات الأنواط فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم وقال لهم : أتقولون كما قال بنو إسرائيل لموسى : إجعل لنا إلٰهاً كما لهم آلهةٌ !!!!!

والخلاصةُ من الغزواة الأربعه هي 

١- الأخذ بالأسباب وفق سُنن الله وسُنن النصر الماديّه وقد أعطانا الله مؤشّراً للنسبة في فوارق القوّةِ مع العدو. 

٢- عدم مخالفةِ أمر الله في السلوك والغايه. 

٣-الحكمةُ وعدم الإستهانة بأرواح المسلمين ... والبحثِ عن السلامةِ مع الاستعداد التام للتضحيه. 

٤- عدم الاعتماد على القوّة الماديّة فقط فالأمّة الإسلاميّةُ أمّةُ دعوةٍ عمادها حُسْنُ الصلةِ بالله وما يتفرّعُ عنه مِن واجباتٍ تُؤدى ومنهياتٍ يُنتهى عنها وغاياتٍ ومقاصد .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين