العلاقات الزوجية أيها الزوجان لاتخسرا رمضان (3)

على الرغم مما مضى من رمضان، أيها الأزواج والزوجات ، فما زال أمامكم وقت لتحقيق الوفاق بينكم، وإبعاد الشقاق عنكم، إنْ كان حصل بعض الإخفاق في محاولاتكم.

إن الإخفاق الذي حدث، إنما حدث بسبب غياب خُلُق من أعظم الأخلاق، خُلُق نحتاجه كثيرًا في حياتنا كلها، وأفضل وقت نتدرب فيه عليه، ونحرص على التحلي فيه به، هو شهر رمضان.. بل حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم وصف رمضان بهذا الخُلُق.

هل عرفتم هذا الخُلُق؟

إنه الصبر.. الصبر الذي أثنى الله عليه، وبشَّر المُتحلِّين به ووعدهم بأن يكون سبحانه معهم، في أكثر من تسعين آية في القرآن الكريم.

ولقد أوردتُ لكم، في المقال الماضي، حديثه صلى الله عليه وسلم الذي يصف فيه شهر رمضان بأنه شهر الصبر؛ قال عليه الصلاة والسلام: (صومُ شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر، يُذهبن وَحَر الصدر) صحيح الجامع.

والصبر أهم خُلُق نحتاجه في كل تعلّم، وفي كسب أي خُلُق آخر، فمن لايستطيع الصبر لايستطيع أن يتعلم ويتقدم.

وإن فقدان الصبر يُفقدنا قدرة السيطرة على أنفسنا حين يثور الغضب فينا، فنقوم بتصرفات خاطئة، أو نُطلق ألفاظًا جارحة.. تذهب بما بقي بيننا من مودة ورحمة.

وصبرنا على الجوع والعطش والشهوة في رمضان؛ يجب أن نتعلم منه الصبر على ما نسمع من كلام، أو نرى مما لانرتاح إليه.

بالصبر نتعلم أن نمتنع من إطلاق كلمات غير طيبة، ونتعلم أن نختار أحسن الكلمات وننتقي أجملها لألسنتنا.

بالصبر نُوفّق في السكوت عن كثير من النقد والسخرية واللّوم والتجريح.

بالصبر يكون الله سبحانه معنا فيعيننا على أن نكون أزواجًا صالحين وزوجات صالحات.

إن خير البشر صلى الله عليه وسلم أُمِر بالصبر فصبر، أُمِر بالصبر ونُهي أن يضيق بمكر المشركين وأن يحزن عليهم: { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرك إِلَّا بِاَللَّهِ وَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْق مِمَّا يَمْكُرُونَ } النحل (127).

وأُمِر صلى الله عليه وسلم بالصبر على مايسمع مستعينًا بالتسبيح: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى(130)﴾ طه،

﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَـرَ السُّجُودِ (40)﴾ ق،

وأُمِر بالصبر مع الهجر الجميل: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا(10)﴾ المزمِّل.

وآيات أخرى أمر الله فيها رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر، فصبر وانتصر، وبلَّغ رسالة ربه للعالمين، فمَن نحن حتى نريد أن يتحقق لنا كل شيء على طبق من فضة دون أن نصبر ونصبر ونصبر؟!

أيها الزوجان الغاليان

مازال في رمضان أيام وأيام، ومنها خير الليالي للأنام؛ ليالي العشر التي يطيب فيها القيام، فلتحرصا عليها معًا، تَذْكُرَان الله فيها ذكرًا كثيرًا، ذكرًا تنشغلان به عن خلافاتكما ونزاعاتكما، وتدعوان فيها ربكما أن يؤلِّف بين قلبيكما، ويُبعد شياطين الجن والإنس عنكما، ومن نزغات النفس يحفظكما.

كما تركتما الطعام والشراب والشهوة طاعة لله، وابتغاء رضاه، اتركا الشجار والنزاع طاعة له سبحانه، وطلبًا لتوفيقه وعونه ورضاه.

انتصرا على الشيطان الذي يسعى لإشعال نار الفتنة بينكما، ورمضان فرصة ففِيه تصفّد الشياطين، فلاتُضيِّعا رمضان ولاتخسراه.

مهما تعثرتما فلا تستسلما، ولا تضعفا، انهضا، وواصِلا السير معًا، فستصلان إن شاء الله إلى غايتكما في إنجاح زواجكما وحفظه من كل ما يهدده.

وفقكما الله، وأعانكما، وتقبل منكما، وبارك لكما.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين