معا نتدبر القرآن (7) سورة الأنعام إقامة الحجج على اختصاص الله بالعبادة والتشريع

سورة الأنعام سورة مكية، وهي من السبع الطول، وقد نزلت في مكة جملة واحدة، وسميت بسورة الأنعام لذكر أحكام الأنعام التي وردت فيها، وفي مقصدها العام أقوال عدة، والذي نختاره أن مقصد السورة العام هو: (( إقامة الحجج على اختصاص الله بالعبادة والتشريع))، فكل آيات السورة وموضوعاتها ومقاصدها تدور حول هذا المقصد، فقد تحدثت السورة عن توحيد الله تعالى، ودلائل قدرته وعظمته، وضرورة التوجه له بالعبادة وحده، وعن انحرافات المشركين في تشريع الأحكام التي ما أنزل الله بها من سلطان، وأبرز تشريعاتهم الباطلة في الأنعام من خلال حوارات وحجج بالغة، وكيف قابل المشركون العقيدة الجديدة بالتكذيب، وحث المؤمنين على الصبر على عقيدتهم وعلى تكذيب المشركين لهم.

فقد تحدثت السورة عن موضوعات عدة نذكر منها:

إثبات التوحيد والعبادة له وحده، من خلال الآيات الدالة عليه: {الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١﴾}

وتكذيب المشركين: {وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴿٤﴾} 

والأمر بالسير في الأرض ومعرفة عاقبة المكذبين: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿١١﴾}.

وطاعة الله وتحكيمه: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٥﴾}.

وعدم انتفاع المشركين: {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴿٢٥﴾}.

والصبر على معاندتهم وتكذيبهم: {قَد نَعلَمُ إِنَّهُ لَيَحزُنُكَ الَّذي يَقولونَ فَإِنَّهُم لا يُكَذِّبونَكَ وَلـكِنَّ الظّالِمينَ بِآياتِ اللَّـهِ يَجحَدونَ ﴿٣٣﴾}.

ودلائل قدرة الله: {وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ وَلا طائِرٍ يَطيرُ بِجَناحَيهِ إِلّا أُمَمٌ أَمثالُكُم ما فَرَّطنا فِي الكِتابِ مِن شَيءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِم يُحشَرونَ ﴿٣٨﴾}.

وتحذير المشركين من التمادي: {قُل أَرَأَيتَكُم إِن أَتاكُم عَذابُ اللَّـهِ بَغتَةً أَو جَهرَةً هَل يُهلَكُ إِلَّا القَومُ الظّالِمونَ ﴿٤٧﴾}.

وقصة إبراهيم مع قومه: {وَإِذ قالَ إِبراهيمُ لِأَبيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصنامًا آلِهَةً إِنّي أَراكَ وَقَومَكَ في ضَلالٍ مُبينٍ ﴿٧٤﴾}.

والالتزام بحكم الله: {أَفَغَيرَ اللَّـهِ أَبتَغي حَكَمًا وَهُوَ الَّذي أَنزَلَ إِلَيكُمُ الكِتابَ مُفَصَّلًا وَالَّذينَ آتَيناهُمُ الكِتابَ يَعلَمونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِن رَبِّكَ بِالحَقِّ فَلا تَكونَنَّ مِنَ المُمتَرينَ ﴿١١٤﴾}.

وبيان افتراء المشركين في الأحكام ومنها الأنعام: {وَجَعَلوا لِلَّـهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الحَرثِ وَالأَنعامِ نَصيبًا فَقالوا هـذا لِلَّـهِ بِزَعمِهِم وَهـذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِم فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّـهِ وَما كانَ لِلَّـهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِم ساءَ ما يَحكُمونَ ﴿١٣٦﴾}.

ووسوسة الجن للإنس في تغيير الأحكام: {وَكَذلِكَ جَعَلنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطينَ الإِنسِ وَالجِنِّ يوحي بَعضُهُم إِلى بَعضٍ زُخرُفَ القَولِ غُرورًا وَلَو شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلوهُ فَذَرهُم وَما يَفتَرونَ ﴿١١٢﴾}

وجملة من الوصايا في العقيدة والأحكام: {قُل تَعالَوا أَتلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُم عَلَيكُم أَلّا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم مِن إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُكُم وَإِيّاهُم وَلا تَقرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ ﴿١٥١﴾}.

وأن طرق الشيطان كثيرة: {وَأَنَّ هـذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ ﴿١٥٣﴾}.

وأن دين إبراهيم هو دين محمد عليهما الصلاة والسلام: {قُل إِنَّني هَداني رَبّي إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ دينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفًا وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَ ﴿١٦١﴾}.

والخلاصة، فإن السورة تعلمنا وتريد منا:

أن نتبين دلائل قدرة الله، وأن نوحده، وأن نفرده بالعبادة، وحق التشريع في الحياة، وأن نتعلم كيف نحاجج المشركين، وننقض شبهاتهم وافتراءاتهم على الله، وأن نصبر على تكذيبهم وإعراضهم، وأن نتمسك بصراط الله المستقيم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين