كفانا تضييعا للوقت 

الأمم تستفيد من بعضها، وهذه سنة من سنن الله في الحياة ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها ".

وأيضا عندما نقرأ التاريخ جيدا نجد المسلمين استفادوا من إنجازات الآخرين فمثلا فكرة حفر الخندق اشار بها الصحابي الجليل سلمان الفارسي فطبقها الرسول صلى الله عليه وسلم 

واستعار الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه نظام الدواوين من الفرس ولكن تم تطبيقه بروح الثقافة الإسلامية .

وهناك حالات كثيرة في تاريخنا الإسلامي كنا نستفيد من غيرنا وفق ثقافتنا لا وفق ثقافة الآخر. 

أما اليوم فيريد بعض بني جلدتنا فرض الدولة المدنية والأنظمة إلإدارية والأسلوب الانتخابي وفق ثقافة الآخر. 

ولأجل هذا ندخل في جدال عقيم معهم لأجل أن لا يطبقوا ما يريدون استيراده وفق ثقافة الآخر وإنما وفق ثقافتنا. 

لأن الأمم لا تتنازل عن ثقافتها لصالح ثقافة الآخر حتى بين الغربيين أنفسهم حيث نجد صراعا ثقافيا بين الفرنسيين والأمريكان 

فمثلا مصطلح الدولة المدنية يعني دولة بنظام علماني وليس دولة مدنية مقابل دولة بوليسية ولذلك نجد من بني جلدتنا من يحاول أن يقنعنا بأنها لا تخالف ثقافتنا وهذا في حقيقة الأمر وهم وخطر كبير لأنه يؤصّل لثقافة الآخر بعناوين براقة وتأويلات غير مقنعة لأنها لا تقوم على اجتهاد وفق قواعد أصيلة لثقافتنا ويظنون أنهم يحسنون صنعا ويقدمون جديدا لنا بينما في الحقيقة ينسلقون وينسلخون شيئا فشيئا من ثقافتهم لصالح ثقافة الآخر تحت عنوان براق يسمونه الحداثة .

ونقول لهم : ما هكذا تورد الإبل ياسعد 

ما هكذا تتنازل الأمم عن ثقافتها لمصلحة ثقافة الآخرين. 

نعم الغرب أخذ منا في القرون الوسطى ولكنه أصّله وفق ثقافته وبروح التحدي 

أما بعصنا فيريد الذوبان في ثقافة الآخر ولكن بروح التقليد. 

وهذا مرفوض جملة وتفصيلا وخصوصا نجد تحارب فاشلة في منطقتنا في هذا الميدان

ولذلك اقول : لسنا بحاجة إلى تضييع وقتنا في جدال بيزنطي ولسنا بحاجة إلى تكرار تجارب فاشلة تحت راية الحداثة 

ولسنا بحاجة إلى مصطلحات مستوردة من ثقافة الآخر، ففي ثقافتنا ما يغني وفي لغتنا مجال واسع في استنباط مصطلحات جدبدة 

فهل نحن مستعدون للإجتهاد بدلا من التقليد والذوبان ؟

نعم نحن مستعدون لأننا بصحوتنا خرجنا من مرحلة الانبهار بمصطلحات الثقافة المستوردة وهذا دليل وعي بانفسنا وبالآخر. 

لن تعود عجلة التاريخ إلى الوراء، ولن ترضخ صحوتنا لإملاءات الغرب أوالشرق ثقافيا والمستقبل لمن يقدم حلا للبشرية لإنقاذها من العولمة المتوحشة، وهذا لا يكون إلا برسالة الرحمة رسالة الإسلام. 

العالم اليوم مفلس أخلاقيا في السياسة وفي الاقتصاد وفي المجتمع ولا تغرنكم ناطحات السحاب ولا غزو الكواكب فهم في طريقهم إلى الانسلاخ تماما من القيم الإنسانية ولن ننخدع بمقارنة بعض الناس بين استبداد أنظمتنا وديموقراطيتهم لأن استبداد الأنظمة من صنع أيديهم ولطخة عار في جبينهم ولذلك قال المودودي رحمه الله : عندما سأله أحد الصحفيين: ماذا تستطيعون أن تقدموا للغرب اليوم ؟

قال : سنقدم لهم الأخلاق لإنقاذهم من الانحلال. 

وعلى شباب الصحوة أن يكونوا على مستوى هذه الرسالة لنواصل عالمية الإسلام الثانية في هذا العصر وخصوصا بعد أن اصبح العالم قرية صغيرة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وإن غدا لناظره قريب. 

والحمد لله رب العالمين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين