نصرٌ حوّله خطأ بشريّ إلى هزيمة!

التخطيط ، بأنواعه : العسكري منه ، والسياسي ، والاقتصادي .. قد يتضمّن أموراً كثيرة ، ممّا يمكن حسابه ! والمخطّط البارع ، يحسب كلّ ما من شأنه ، أن يؤثّر، في قراره ، ونتائجه : السلبية ، والإيجابية ! بَيدَ أنّ ثمّة أموراً ، يصعب حسابها ، أو قد تغيب عن ذهن المخطّط ، أو قد يتوقّعها ، لكن لا يعطيها الاهتمام ، الذي تستحقّه ! وغير ذلك ، من الاحتمالات .. فيتحوّل نصره ، إلى هزيمة ؛ نتيجة لخطأ بشري ، أو ظرف طارئ ، لم يكن داخلاً ، في حساب المخطّط !

نصرُ معركة أُحُد ، تحوّل إلى هزيمة ، بمخالفة أمر القائد:

انتصر المسلمون في أحد ، انتصاراً واضحاً ، وانسحب المشركون ، من ساحة المعركة ، وبادر المقاتلون ، بجمع الغنائم والأسلاب ، ممّا تركه الأعداء ، في أرض المعركة !

كان على جبل أحُد ، مجموعة من المقاتلين ، رُماة السهام ، وضعهم النبيّ ، وأمرهم ألاّ يتركوا مواقعهم ، تحت أيّ ظرف ؛ سواء أكان النصر للمسلمين ، أم لأعدائهم .. حتى لو رأى الرماة ، مقاتلي المسلمين ، تتخطّفهم الطير !

كان أمر النبيّ القائد ، واضحاً ، وصارماً ؛ بألاّ يغادر الرماة مواقعهم ! بَيدَ أن بعض الرماة ، حين شاهدوا المشركين ينسحبون ، من المعركة ، ورأوا المقاتلين المسلمين ، يتسابقون ، إلى جمع الأسلاب .. تحرّكوا ، لنيل نصيبهم من الغنائم ! فنهاهم قائدهم ، عن ذلك ، وذكّرهم بنهي النبيّ القائد ، عن ترك مواقعهم ؛ مهما رأوا من نتائج المعركة ! إلاّ أن أكثرهم اندفعوا ، إلى ساحة المعركة ، لجمع الغنائم ! وبقيت قلّة من الرماة ، التزمت بأمر النبيّ ، فلم تترك أماكنها ! فالتفّ خيّالة المشركين ، من فوق الجبل ، وقضوا على الرماة ، الثابتين في مواقعهم ، وأثخنوا بالمسلمين ؛ إذ قتلوا عدداً منهم ، وجرحوا النبيّ ، وظنوه قُتل! وشاع خبر مقتله ، بين المسلمين، ففتّ ذلك ، في عضد الكثيرين منهم ! بَيدَ أن بعضهم ، زاده الخبر، تصميماً على القتال ! وانسحب المشركون ، بعد أن وجدوا أنفسهم ، حقّقوا نصراً ، يعدل هزيمتهم ، في بدر!

وقد سَجّلت آيات كريمة ، في القرآن ، هذه الواقعة ، وأفاد المسلمون درساً ، دفعوا ثمنه ، غالياً ، من دمائهم ! وظلت الحادثة عبرة ، لمن يعتبر، من أبناء المسلمين ، إلى يوم القيامة !

فهل تعي أجيال الربيع العربي ، هذا الدرس ، وتتّعظ ، بما جرى عليها ، وحولها ، من عمليات التفاف ، حوّلت انتصاراتها السياسية ، إلى هزائم مرّة !؟ نرجو ذلك !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين