معا نتدبر القرآن -4- سورة آل عمران إثبات التوحيد، والعمل بمقتضياته

سورة آل عمران مدنية بالاتفاق، وهي من السبع الطول، وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوتها هي وسورة البقرة حثا خاصا، وسماهما الزهراوين، لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما ، وفي مقصد السورة العام أقوال عدة، والذي نختاره إن مقصد السورة العام هو: ((إثبات التوحيد والعمل بمقتضياته))، فكل آيات السورة وموضوعاتها ومقاصدها تدور حول هذا المقصد، وهو إثبات التوحيد بالأدلة النقلية والعقلية، وبطلان عقائد النصارى من خلال الحوار مع وفد نصارى نجران، وتحدثت عن أحوال الموحدين عمران وزوجه ومريم وعيسى وزكريا ويحيى وإبراهيم، وعن المعركة بين أهل التوحيد وأهل الكفر، وكشفت عن أحوال اهل الإيمان وضعفهم من خلال غزوة أحد وأسباب فشلهم وفق السنن، ثم ذكرت أخيرا دلائل التوحيد والإيمان بها.

فقد تحدثت السورة عن موضوعات عدة نذكر منها: 

• توحيد الله: {الم ﴿١﴾ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴿٢﴾.

نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ﴿٣﴾}

• وأن الملائكة وأولي العلم شهدوا بالتوحيد: {شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١٨﴾}.

• وأن الملك والإعزاز والإذلال والخير والمشيئة بيده وحده: {قُلِ اللَّـهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٦﴾}.

• وأن عيسى بشر: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿٥٩﴾}.

• وأن من التوحيد عدم اتخاذ البشر آلهة: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّـهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴿٦٤﴾}.

• وأن إبراهيم كان موحدا: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٦٧﴾}.

• وأن الإسلام هو الدين الحق: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٨٥﴾}

• وأن الرسالات واحدة: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴿٨٤﴾}.

• وأن الله يريدنا أن نموت على الإسلام والتوحيد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿١٠٢﴾}.

• وأن النصر من عنده وحده: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّـهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴿١٢٦﴾}.

• وأن الموت حق حتى على الأنبياء فلا خلود لأحد: {مَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ ﴿١٤٤﴾}.

• وأن الله مولى المؤمنين: {بَلِ اللَّـهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ﴿١٥٠﴾}.

• وأن الخوف لا يكون إلا من الله: {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٧٥﴾}.

• وأن خلق السماوات والأرض من أكبر الدلائل على توحيده: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ﴿١٩٠﴾}.

والخلاصة: إن السورة تعلمنا وتريد منا:

أن تستقر عقيدة التوحيد في نفوسنا من خلال الأدلة العقلية والنقلية، وأن الله اصطفانا بهذا التوحيد، وأن لا نقع فيما وقع فيه أهل الكتاب، وأنه أساس النصر في المعركة مع العدو، من خلال الطاعة والاستسلام وتهذيب النفس، وأن نزيد إيماننا بالتأمل في دلائل قدرته الكثيرة.

فلنقرأ سورة آل عمران على نية معرفة إثبات التوحيد والعمل بمقتضياته.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين