الطِّــــــبُّ والطِّـــــباخة (3) التعريف بكتب الطِّبيخ

سبق أن عرفت في المقالة السابقة باثني عشر كتاباً من كتب الطبيخ هي: كتاب الطِّبيخ لإبراهيم بن المهدي. وكتاب الطِّبيخ لابن ماسويه. وكتاب الطِّبيخ لأبي بكر الرّازي. وكتاب الطِّبيخ لأحمد بن الطيب السّرخسي. وكتاب الطِّبيخ لنطاحة. وكتاب الطِّبيخ لابن المنجِّــم. وكتاب الطِّبيخ لجحظة البرمكي. وكتاب الطِّبيخ للصُّولي. وكتاب الطِّبيخ لابن خرداذبه. وكتاب الطِّبيخ ليحيى ابن أبي منصور الموصلي. وكتاب «الطبيخ وإصلاح الأغذية المأكولات وطيبات الأطعمة المصنوعات، مما استخرج من كتب الطب وألفاظ الطهاة» لأبي المظفر، ابن نصر، بن سيار البغدادي الوراق. وكتاب الطِّبيخ للكاتب البغدادي، وفي هذه المقالة استكمل الموضوع بالتعريف بالكتب التالية:

الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب لابن العديم الحلبي: وهو عمر بن أحمد (ت: 660 هـ) (1)، وهو من أشهر مؤرخي القرن السابع الهجري وأدبائه المميزين، ويعتبر الكتاب من أقدم الكتب التي وصلتنا في مجال الطبخ، تكلّم فيه عن الأطعمة والحلويات والأغذية، وطرق صناعتها وحفظها وفوائدها الصحية، وعن صناعة العطور والصابون، وتنقية المياه وتقطيرها، ويتألّف من مقدمة وعشرة أبواب، قال فيه: جمعت هذا الكتاب ولم أضع فيه شيئاً إلا بعد أن ركبته مراراً وتناولته مداراً، واستخلصته لنفسي، أما أبواب الكتاب: فالباب الأول: الطيب، تحدث فيه عن العطور، وتركيب العنبر، والصّندل، والعود، والبخور والذّراير، والأدهان العطرة، وطريقة صنعها ومواد تركيبها، ومقدار ما يؤخذ من كل منها، الباب الثاني: في الأشربة، تكلم فيه عن السّوبيا، وعن عصير الرمان، وعصير الليمون، وعصير المشمش، واللوز، والأترنج، والسفرجل، الباب الثالث: في المياه وصنعتها، وكيفية العمل بها، والخل واستقطاره، الباب الرابع: في صفة سلي الإلية، أي إذابة الدهن وغليه، إما لحفظه وإما لاستخدامه، الباب الخامس: في أنواع الدجاج، وطرق طبخه وأنواعه، الباب السادس: في الأطعمة المنشّفات، وما يجري مجراها، فذكر السنبوسك وأنواعه، والشرائح المصرية، والملوخية وأنواعها،ـ والباذنجان، والعجورية، والحصرم، واللوز، والسماق، الباب السابع: في الحلاوات والمخبوزات، وما يجري مجراها، وهي أنواع عديدة، منها الخاتونية، وطراطير التركمان، والمكشوفة، والمامونية، وهريسة الفستق، والفستقية، ومعمول التمر، والمخنوقة، وناصرية، والكاهنين، والكنافة، وكل واشكر، والملبن أو جلد الفرس، والقطايف بأنواعها، وحلاوة كشك، واللوزينج، وخدود الأغاني، والفالوذج، وهو يذكر مقاديرها، ثم طريقة صنعها، وكذلك الأمر بالنسبة للمخبوزات، ومنها الكعك وخبز تنوري وخبز فرني مرقّد، وخبز بيض، وبقسماط والعصايد، الباب الثامن: في المخللات والملوحات وصفة صنعها، الباب التاسع: في أنواع الأشنان والصابون المطيب، الباب العاشر: في تصعيد (تقطير) المياه وتطييب رائحة الفم، تحدث فيه عن صناعة ماء الورد، وتصعيد الزعفران، والكافور، والعود، والصندل، وماء السنبل، والقرنفل، وماء القرفة، وقشور الأترج، وغيره ذلك. والكتاب يكشف عن تفنن أهل القرنين السّادس والسّابع الهجريين، ولا سيما في مدينة حلب، في فنّ الطهي، وأفانين الطعام، وما كان منه أساسياً، كالخبز والمعجنات، وما كان كمالياً كالمخللات والمقبّلات، ويصور المطبخ الحلبي مطبخاً غنياً مسرفاً في البذخ والإنفاق في المأكولات وأنواع اللحوم، والأطعمة المعجونة بالفستق واللوز، والأواني والأدوات الفاخرة، والصّابون والعطور(2).

فضالة الخِوان في طيبات الطعام والألوان لابن رزين التّجيبي: وهو علي بن محمد (ت: 692 هـ) له كتاب «فضالة الخِوان في طيبات الطعام والألوان» (3)، وهذا الكتاب صورة من فن الطبخ في الأندلس والمغرب في بداية عصر بنى مرين، قال الأستاذ محمد شقرون في مقدمة تحقيقه: إنّ هذا الفن قد حَظي بعناية بعض المؤلفين، ونال إعجاب قُرائهم، وعدد المستفيدين من إنتاجهم، فظهر ما ظهر من مؤلفات أصيلة علمية، وأخرى عَملية ثانوية، بينما اكتفت أخرى بالتكرار والاجترار، وإضافة أو إعادة التجربة بتقليصها أو بتحريفها، فكان عصر الازدهار، ثم لحقه عصر الانحطاط الذي خَسِرَت فيه المكتبة العربية كل إنتاج قويم يرمي إلى صيانة الأبدان والأذهان عن طريق تحديد الأغذية وكيفية استعمالها، وطرق استهلاكها، وتبيين مضارّها ومنافعها، مما نجده في كثير من المؤلفات الخاصة، وغيرها من كتب الأدب والفهارس والتراجم والرحلات والحسِبة والشعر، خصوصاً كتب الطبّ التي ربطت موضوع التمريض والمعالجة بموضوع التغذية والأشربة؛ حيث كان التزاوج بينهما واضحاً والتماسك قارّاً، وأضاف: وأقول إن أول ما يجب أن يتجنب محاولة الطبخ في المواضع الوخيمة الذميمة (4).

رسالة في الطّباخة: للصالحي: وهو يوسف بن حسن الصالحي الدمشقي، جمال الدين، الشهير بابن المبرد، على وزن أحمد (ت: 909 هـ) له رسالة في الطباخة (5).

تذكرة الغافل عن استحضار المآكل لمصطفى زين الدين: وهو شاعر من أهل حمص(ت: 1319هـ)، اشتهر بمعارضاته لمعاصره الهلالي فكان كلما نظم الهلالي قصيدة أو موشحًا في مدح أحد الولاة أو الأعيان عارضه مصطفى زين الدين بقافيته ووزنه، وجعله في وصف الطعام، حتى عرف بالجوعان، وجمعت معارضاته هذه في كتاب «تذكرة الغافل عن استحضار المآكل» (6).

تنبيه الأنام في ترتيب الطعام لمحمد أحمد رمضان الشامي: وهو أديب من أهل المدينة المنورة (ت بعد: 1921)، له كتاب «تنبيه الأنام في ترتيب الطعام»، وضّح فيه كيفية عمل أصناف وألوان من الطعام، وكذلك مقادير وكيفية صناعة الطعام (7). 

تذكرة الخواتين وأستاذ الطّباخين لخليل سركيس (8): قال في مقدمته: «حمداً لمن غذّى مخلوقاته بمخلوقاته، وهدى الإنسان إلى أقواته، حفظاً لحياته وقياماً بواجباته، أما بعد: فلما كان لا بد للإنسان من الغذاء، كان فنّ الطِباخة خير الفنون، لمزيد الاحتياج إليه، وأفضل المُتجه إليه، فهو حياة الإنسان، وعندنا أن هذا الفن مُقدّم على صناعة الطب السامية، فإنه أعم منها وأول، فإذا صَحّت الطِباخة وحسُن تناولها قد تسدّ الباب في وجه الطب، وإننا نعجب ممّن يستخف بالطِباخة بعد أن توقف عليها حسن الصحة، وصفاء العيش معاً، على أننا نرى الإنسان يكد ويسعى، ويبذُل الدرهم والدينار إصلاحاً لغذائه، وهو مع ذلك يفوّض هذه المهمة إلى جارية غبيّة، ويحوّله إلى عُهدة خادمة هي بالحري بلية، فلمَ السعي وحشد الأموال وأنت تبذلها يا صاح في طعام يُوليك الاعتلال، هذا وفي صناعة الطِباخة اقتصاد وفير، فمن أحسن الإدارة، وأحكم الصناعة، أفاد الأجسام والأموال معاً» (9).

ملجأ الطباخين لمحمد بن أحمد بيك صدقي: وهو في صناعة المأكولات والمشروبات والحلويات (10)، ترجمه من التركية إلى العربية.

نصيحة الأنام في حسن الطعام لأحمد إبراهيم: لأحمد إبراهيم: هو طبّاخ محمد باشا توفيق الخديوي(11).

المطبخ الحلبــــــي لحسـّان خوجـه: تكلّم فيه عن مواصفات المطبخ الحلبي، وخصوصية التعامل مع التوابل عند عطاري حلب، وفوارق المائدة والطعام بين الأغنياء والبسطاء، وتكامل أنواع الطعام في المأكولات الحلبية، والابتكار والاستحداث اللحوم في المطبخ الحلبي، والمأكولات العلاجية الخاصة بالحمية الغذائية، والأدب ومطبخ حلب، والمناسبات الدينية والاجتماعية وأطباقها التقليدية، والأمثال والأقوال المأثورة عن المطبخ الحلبي، وأشهر طباخي حلب، وأسماء عائلات مشتقة من مهن مختلفة ومن مواد الطعام، ومناداة الباعة (12). 

=======

- ينحدر كمال الدين عمر بن أحمد بن هبة الله العقيلي الحلبي، المعروف بابن العديم، من بني أبي جرادة، وهي أسرة علمية ذات جاه وثروة ومكانة من الدول المتعاقبة على حلب، وكان أجداده يسكنون البصرة، فرحل من بينهم موسى بن عيسى بن أبي جرادة، وقدم إلى حلب بعد سنة ٢٠٠هـ، واستوطنها، وتناسل عقبه بها، وتولى الوزارة مرتين، مدة للملك العزيز ابن الملك الظاهر غازي، والثانية للناصر آخر ملوك بني أيوب في الدولة الناصرية، وكان محدثًا، َّدرس وأفتى، وصنف، وترسّل عن الملوك.

2- ذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» باسم «الوسيلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب»، ثم ذكره مرة ثانية باسم «وصلة الحبيب في وصف الطيبات والطيب» ونسبه إلى كمال الدين، عبد الدائم العقيلي، وذكر أن مخطوطة الموصل تنسبه إلى يحيى بن العظيم بن الجزار، المتوفى سنة (679 ه‍)، وذكره منسوباً إلى ابن أخ مجهول للملك الأشرف المملوكي.

وطبع الكتاب بتحقيق ودراسة "سليمى محجوب ودرية الخطيب"، واشتملت مقدمة التحقيق على دراسة عن تاريخ الأطعمة عند العرب، منذ الجاهلية حتى عصر ابن العديم، وما أخذوه من الأقوام التي دخلت الإسلام من أطعمة مختلفة عُرّب بعضها، وبقي بعضها الآخر يحمل اسمه الأعجمي. وهو من منشورات جامعة حلب، سنة 1988م.

كما طبع الكتاب بتحقيق: "تشارلز بيري"، نشر المكتبة العربية، بدعم من جامعة نيويورك، أبو ظبي (دون تاريخ) نسخة ألكترونية. 

3- ابن رزين: فقيه ومحدّث وأديب أندلسي، نزل تونس. الخِوَان، كسر الخاء وضمها: ما يؤكل عليه. والجمع: أَخوِنَةٌ، وخُونٌ، وأخاوِين.

4- الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت، سنة 1984، بتحقيق: محمد بن شقرون. 

5- قال الزركلي: مطبوعة، ذكر فيها أوصاف بعض المآكل.

6- نشر الكتاب ببيروت سنة 1903، ثم طبع نشرته دار الجمل، بتحقيق د. عمر موسى باشا. 

7- الناشر: المطبعة الجمالية، القاهرة، سنة 1332هـ. = 1914م (70 صفحة).

8- خليل خطار سركيس (ت: 1334هـ = 1915م) صحفي لبناني، أنشأ مع بطرس البستاني «مطبعة المعارف» وقام بتنقيح وطباعة ديوان «عنترة العبسي» وكتاب «ألف ليلة وليلة» و«مقدمة ابن خلدون» و«مقامات الحريري»، وله كتاب «نزهة الخواطر»، وكتاب «تاريخ القدس الشريف»، و«معجم اللسان»، ويتميز أسلوبه بالرقة والسهولة، ويوشّيه بالاستعارات وضرب الأمثال.

9- الناشر: المطبعة الأدبية ببيروت، سنة (1885م). 

10- نشر الكتاب في القسطنطينية سنة 1260 هـ = 1844م، وفي مصر سنة 1304 هـ.

11- نشر الكتاب في مصر سنة 1310 هـ = 1893م.

12- حسان خوجة: عضو الجمعية السّورية لتاريخ العلوم عند العرب، وقام بإعداد هذا البحث لصالح الجمعيـّة السوريـّة لذوّاقي الطـّعام.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين