الطِّــــــبُّ والطِّـــــباخة (2) التعريف بكتب الطِّبيخ

ذكر أبو الفرج ابن النّديم، محمد بن إسحاق الورّاق البغدادي، في كتابه «الفهرست» أسماء تسعة كتب ألّفت في ذلك، فقال: الكتب المؤلفة في الطبيخ كتاب الطبيخ للحارث بن بسخر، كتاب الطبيخ لإبراهيم بن المهدي، كتاب الطبيخ لابن ماسويه، كتاب الطبيخ لإبراهيم بن العباس الصولي، كتاب الطبيخ لعلي بن يحيى المنجم، كتاب الطبيخ لمخبرة، كتاب الطبيخ لأحمد بن الطيب، كتاب الطبيخ لجحظة، وكتاب السكباج له، كتاب أطعمة المرضى للرازي، وكتاب الطبيخ له (1)، ويلاحظ أن مصنّفي هذه الكتب في فنّ الطّبخ وإعداد الطعام ينتسبون للطبقة المرموقة والمتعلّمة من أبناء المجتمع، حيث تجد منهم الوزراء، والشعراء، والفصحاء، والنّدماء، والظّرفاء، والمغنّين والأطبّاء، وهذا تعريف بأشهر الكتب التي ألفت في فن الطبيخ.

كتاب الطِّبيخ لإبراهيم بن المهدي:إبراهيم بن المهدي بن المنصور بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس بن عبد المطلب (ت: 224 هـ)، وهو أول نابغ نبغ من بني العباس، ثم من أولاد الخلفاء، له ترسّل وشعر... وله من الكتب: كتاب أدب إبراهيم، وكتاب «الطبيخ»، وكتاب الطب، وكتاب الغناء. وهو أخو هارون الرشيد، وهو أشهر أولاد الخلفاء ذكراً في الغناء وأتقنهم صنعةً، ومن أعلم الناس في ذاك الوقت بالنغم والإيقاع.

كتاب الطِّبيخ لابن ماسويه: واسمه يوحنا بن ماسويه، أبو زكريا (ت: 243هـ)، له كتاب «الطبيخ»، وهو من الأطباء، سرياني الأصل، عربي المنشأ، كان أبوه صيدلانيًا في جنديسابور "خوزستان" ثم من أطبّاء العين، في بغداد، نبغ يوحنا حتى كان أحد الذين عهد إليهم هارون الرشيد بترجمة ما وجد من كتب الطب القديمة، في أنقرة وعمورية وغيرهما من بلاد الروم، وجعله أميناً على الترجمة، ورتّب له كتّاباً حاذقين بين يديه، ولم يقتصر عمله على خدمة العلم، بل خدم الرشيد والمأمون ومن بعدهما إلى أيام المتوكل، بمعالجتهم وتطبيب مرضاهم، حتى كانوا لا يتناولون شيئاً من أطعمتهم إلا بحضرته، وكان يقف على رؤوسهم ومعه البراني بالجوارشات المقوّية والهاضمة (2)، وأصاب شهرة واسعة وثروة طائلة، وكان مجلسه ببغداد أعمر مجلس، يجمع الطبيب والمتفلسف والأديب والظريف، له نحو أربعين كتابا معظمها رسائل (3).

كتاب الطِّبيخ لأبي بكر الرّازي: لمحمد بن يحيى (ت: 250هـ)، وهو عالم وطبيب درس الرياضيات والطب والفلسفة والفلك والكيمياء والمنطق والأدب والعلوم الشرعية (4) وله أيضاً كتاب «كتاب أطعمة المرضى». و«القانون في الطب» ذكر فيه الكثير من الأغذية وخصائصها ومنافعها واستعمالاتها المختلفة لعلاج الأمراض.

كتاب الطِّبيخ لأحمد بن الطيب السّرخسي: لأبي العباس، أحمد بن محمد بن مروان (ت: 286هـ) له من الكتب... كتاب «الطبيخ» ألّفه على الشهور والأيام للمعتضد، وكان السرخسي متفنناً في علوم كثيرة، أوحداً في علم النحو والشعر، مليح النادرة خليعاً ظريفاً، سمع الحديث وروى شيئاً منه.

كتاب الطِّبيخ لنطاحة: أحمد بن إسماعيل بن الخصيب الأنباري، أبو علي، المعروف بنطاحة (ت: 290 ه‍): أديب، من كبار الكتاب المترسّلين، كان كاتب عبيد الله بن عبد الله بن طاهر. وقتله محمد بن طاهر، له كتب منها «ديوان رسائل» نحو ألف ورقة، و«طبقات الكتاب» و«صفة النفس» وله كتاب «الطبيخ» (5).

كتاب الطِّبيخ لابن المنجِّــم: أبي الحسن، علي بن يحيى بن أبي منصور (ت: 300 هـ)، نديم المتوكل (6) له كتاب «الطبيخ» ذكره ابن النديم.

كتاب الطِّبيخ لجحظة البرمكي: وهو أبو الحسن، أحمد بن جعفر بن موسى بن خالد بن برمك (ت: 326 هـ) وهو شاعر مغني مطبوع في الشعر، حاذق بصناعة غناء الطنبور، حسن الأدب، بارع في معناه، لقي العلماء والرواة وأخذ عنهم، قال ابن النديم: وكان مع ما وصفناه به بعيداً عن أدب النفس، وسخاً وفي دينه بعض العهدة، وله كتاب «الطبيخ»، لطيف. وكتاب فضائل السكباج (7).

كتاب الطِّبيخ للصُّولي: أبي إسحاق، إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول الكاتب (ت: 335 هـ)، أحد البلغاء والشعراء الفصحاء، وكان إليه ديوان الرسائل في مدة جماعة من الخلفاء، وكان ظريفاً نبيلاً، وله من الكتب: ... وكتاب «الطبيخ»، وكتاب العطر (8).

كتاب الطِّبيخ لابن خرداذبه: وهو أبو القاسم، عبيد الله بن أحمد بن خرداذبه، وكان خرداذبه مجوسياً، أسلم على يد البرامكة، فتولى أبو القاسم البريد والخبر بنواحي الجبل، ونادم المعتمد، وله من الكتب كتاب أدب السماع، وكتاب جمهرة أنساب الفرس، والنوافل، وكتاب المسالك والممالك، وكتاب «الطبيخ»، وكتاب اللهو والملاهي، وكتاب الشراب، وكتاب الأنواء، وكتاب الندماء والجلساء (9).

كتاب الطِّبيخ ليحيى ابن أبي منصور الموصلي: وأهله بالموصل كثير، وكتبه موجودة، وكان في نهاية حسن الأدب، وله من الكتب: كتاب الأغاني، عمله على الحروف، وكتاب «الطّبيخ»، لطيف، وكتاب العود والملاهي (10).

كتاب «الطبيخ وإصلاح الأغذية المأكولات وطيبات الأطعمة المصنوعات، مما استخرج من كتب الطب وألفاظ الطهاة» لأبي المظفر، ابن نصر، بن سيار البغدادي الوراق: عاش ابن سيار في بغداد في القرن الرابع الهجري، وعمل مشرفًا على مطابخ دار الخلافة العباسية. وكتاب ابن ّسيار في الطبيخ من النصوص البالغة الأهمية; لشمولها وحـسن ِ ترتيبها وقدمها؛ إذ يمكن ترتيبه بين أعمال القرن الرابع للهجرة، وقد كتبـه َ مؤلفـه لأحد الرؤساء، وصدره بقوله: سألت − أطـال الله بقـاءك – أن أؤلـف لـك كتاباً أجمع لـك فيـه ألوانـاً مـن الأطعمـة المـصنوعة للملـوك والخلفـاء والـسادة الرّؤساء، وقد عملت – أطال الله بقاءك – كتاباً شريفـاً... يجمـع كـل الألـوان، وأغنيتك عن النظر في الكتب المؤلفة لقـدماء الفلاسـفة في إصـلاح الأغذيـة من المأكولات المقوية. أ. هـ. ويحوي الكتاب (132) باباً، فيها أكثر من (600) وصفة من وصفات الطعام، مع ذكر مكوّنات كلّ وصفة، وطريقة طبخها، وما يوافق الشّباب والشّيوخ، وأطعمة المرضى، وأطعمة الصّوم، وما يوافق المعدة العليلة، وما يؤكل في الشّتاء والصّيف، وآثار الطّعام على القلب والبدن والدم والمزاج، ووصف عمل آلات الطبخ، ثم ختمه ببعض آداب المؤاكلة والمنادمة، والنّوم والحركة بعد الأكل وأهميتهما، وما قيل في الطعام وآدابه من شعر (11). 

كتاب الطِّبيخ للكاتب البغدادي: محمد بن الحسن (ت: 637 هـ) ويحتوي على عشرة أبواب، هي: الحوامض وأنواعها، والسواذج على اختلافها، والقلايا والنواشف، والهرائس، والتنوريات، والمطجنات، والبوارد، والسموك، وما يعمل منها، والمخللات والأصباغ والمطيبات والجواذيب والأخبصة وما يجري مجراها، والحلاوات وأصنافها، وعمل الخشكنانج والمطبق والقطائف. وقال د. داود الجلبي: «هذا الكتاب فريد في بابه، حوى جميع ألوان الأطعمة التي كانت مستعملة على عهد العباسيين، ألّفه رجل عراقي قبل سقوط بغداد بـ 33 سنة، ولقد أجاد كل الإجادة في بيان صورة تهيئة كل لون بعبارة متقنة... وبه يستدل على مدنية راقية، وترف عظيم في ذلك العهد، ولهذا الكتاب مزايا، أولها: أنه لم يصلنا كتاب في الأطعمة المستعملة في تلك الأزمنة الغابرة. وثانيها: كون مؤلّفه مغرمًا بالأطعمة ومتخصّصاً بها، كما يفهم من مقدمته (12).

يتبع....

الحلقة الأولى هنا

1 ـ انظر : معجم المصطلحات والألقاب التاريخية: لمصطفى عبد الكريم الخطيب، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1996، (ص: 27). 

2- لسان العرب (طبخ - طها - قدر) بتصرف.

3- الأعلام: للزركلي (8/211).

4 - الفهرست: النديم (ص: 440). 

5 - الفهرست: النديم (ص: 180) والأعلام: للزركلي (1/ 96).

6 - كان ابن المنجم من أحسن أهل زمانه افتناناً في علوم العرب والعجم ونادم الخلفاء العباسيين، ويعود بنسبه الفارسي إلى يزدجرد.

7 - الفهرست: محمد بن إسحاق، أبو الفرج النديم، ط. دار المعرفة بيروت، 1398 = 1978(ص: 208).

8 - كان الصولي حسن المعرفة بأخبار الملوك وأيام الخلفاء ومآثر الأشراف وطبقات الشعراء، نادم ثلاثة من الخلفاء، هم الراضي والمكتفي والمقتدر، وكان من أحسن الناس لعباً بالشطرنج، حتى عرف بالشطرنجي، وكان أهله ملوكاً بجرجان.

9- الفهرست: النديم (ص: 212).

10 - الفهرست: النديم (ص: 213).

11- صدر عن دار صادر في بيروت، بتحقيق الدكتور إحسان ذنون الثامري، ود. محمد عبدالله القدحات، وقدّم له الأستاذ إبراهيم شبوح بمقدمة عن المائدة في التراث العربي الإسلامي وتاريخ الطعام والتأليف فيه، وذلك سنة 2012.

12 - نشر الكتاب أول مرة د. داود الجلبي الموصلي، سنة 1934م، ثم نشر بدار الكتاب الجديد بدمشق، سنة 1964، بعناية فخري البارودي وألحق به «معجم المآكل الدمشقية»، ثم نشر بدار الوراق ببغداد سنة 2014 بتحقيق د. قاسم السامرائي.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين