نحو رمضان مختلف (5) ليل فسيح

ليل رمضان ليس كأي ليل في بقية الشهور، ولعل عطر القرآن فيه قد فاح حتى ملأ الأجواء والقلوب والنفوس والأراوح من طيبه وعبقه، فصارت الأنفاس فيه غير الأنفاس والنجوم غير النجوم والسواد غير السواد. 

مغبون من حرم نفسه من استنشاق عطره وعبيره، لينغمس في استنشاق روائح الطعام والشراب الطيب الذي لا يثقل الجسد فحسب، بل يحجب القلب والروح عن الالتحام بليل مبارك، يدعوك لأن تنخلع من عالمك وتتجه لأقرب سجادة تسكب عليها عبرات الندم وآهات الاستغفار وتوسلات المغفرة ونفحات القرب والأنس بالله.

إنه ليل: 

فسيح في لفظه. 

فسيح في معناه. 

فسيح في صلاته. 

فسيح في قرآنه. 

فسيح في فتوحاته. 

فسيح في إكرامه. 

فسيح في تجلياته.

فسيح في مثوبته.

فسيح في تأملاته.

فسيح في عطائه.

ليل رمضان أصفى وأنقى من أي ليل، فاسمح له أن: يلم شتاتك.

وينتشل روحك. 

ويذوّب جليدك. 

ويخرج مكامنك.

ويطهر داخلك. 

ويسمو بوجوك 

ويهوّن غربتك. 

ويثبت نفسك. 

ويسدد قولك.

ويقوي ضعفك.

ليل رمضان فرصة ثمينة مهداة للعقل والقلب والنفس والروح.

فرصة للخلوة.

فرصة للمراجعة.

فرصة لقيام خاشع.

فرصة لنيل المطالب.

فرصة لتدبر نافع.

فرصة لقرب مؤكد.

فرصة لتوبة نصوح.

فرصة لحمل الزاد.

فرصة لحزن أن يزول.

فرصة لتوكل أن يقوى.

من قامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرم قيامها فقد حرم،

فلا تضيع وقتك فيه إلا في عبادة أو صلة رحم أو علم نافع أو خدمة عاجلة لمحتاج.

من أحسن في نهاره أحسن الله إليه في ليله، فاستقم كما أمرت في نهارك ليوفقك الله في ليلك.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين